أجمل قصائد أبو العتاهية

يستمتع الناس دائماً بالبحث عن الأشعار القديمة، لاسيما في العصر العباسي الذي تميز بقوة الشعر في تلك الفترة. ومن أبرز شعراء ذلك العصر كان أبو العتاهية ، عبر المقال التالي سنقدم لكم أجمل قصائد أبو العتاهية .

أجمل قصائد أبو العتاهية
أجمل قصائد أبو العتاهية

أَيا رَبِّ يا ذا العَرشِ أَنتَ رَحيمُ
وَأَنتَ بِما تُخفي الصُدورُ عَليمُ
فَيا رَبِّ هَب لي مِنكَ حِلماً فَإِنَّني
أَرى الحِلمَ لَم يَندَم عَلَيهِ حَليمُ
وَيا رَبِّ هَب لي مِنكَ عَزماً عَلى التُقى
أُقيمُ بِهِ ما عِشتُ حَيثُ أُقيمُ
أَلا إِنَّ تَقوى اللَهِ أَكرَمُ نِسبَةٍ
تَسامى بِها عِندَ الفَخارِ كَريمُ
إِذا ما اجتَنَبتَ الناسَ إِلّا عَلى التُقى
خَرَجتَ مِنَ الدُنيا وَأَنتَ سَليمُ
أَراكَ امرَأً تَرجو مِنَ اللَهِ عَفوَهُ
وَأَنتَ عَلى ما لا يُحِبُّ مُقيمُ
فَحَتّى مَتى تَعصي وَيَعفو إِلى مَتى
تَبارَكَ رَبّي إِنَّهُ لَرَحيمُ
وَلَو قَد تَوَسَّدتَ الثَرى وَافتَرَشتَهُ
لَقَد صِرتَ لايَلوي عَلَيكَ حَميمُ
تَدُلُّ عَلى التَقوى وَأَنتَ مُقَصِّرٌ
أَيا مَن يُداوي الناسَ وَهوَ سَقيمُ
وَإِنَّ امرَأً لايَرتَجي الناسُ نَفعَهُ
وَلَم يَأمَنوا مِنهُ الأَذي لَلَئيمُ
وَإِنَّ امرَأً لَم يَجعَلِ البِرَّ كَنزَهُ
وَإِن كانَتِ الدُنيا لَهُ لَعَديمُ
وَإِنَّ امرَأً لَم يُلهِهِ اليَومَ عَن غَدٍ
تَخَوُّفُ ما يَأتي بِهِ لَحَكيمُ
وَمَن يَأمَنِ الأَيّامَ جَهلاً وَقَد رَأى
لَهُنَّ صُروفاً كَيدَهُنَّ عَظيمُ
فَإِنَّ مُنى الدُنيا غُرورٌ لِأَهلِها
أَبى اللَهُ أَن يَبقى عَلَيهِ نَعيمُ
وَأَذلَلتُ نَفسي اليَومَ كَيما أُعِزَّها
غَداً حَيثُ يَبقى العِزُّ لي وَيَدومُ
وَلِلحَقِّ بُرهانٌ وَلِلمَوتِ فِكرَةٌ
وَمُعتَبَرٌ لِلعالَمينَ قَديمُ

اِصبِر لِكُلِّ مُصيبَةٍ وَتَجَلَّدِ
وَاِعلَم بِأَنَّ المَرءَ غَيرُ مُخَلَّدِ
أَوَما تَرى أَنَّ المَصائِبَ جَمَّةٌ
وَتَرى المَنِيَّةَ لِلعِبادِ بِمَرصَدِ
مَن لَم يُصِب مِمَّن تَرى بِمُصيبَةٍ
هَذا سَبيلٌ لَستَ فيهِ بِأَوحَدِ
وَإِذا ذَكَرتَ مُحَمَّداً وَمَصابَهُ
فَاِذكُر مُصابَكَ بِالنَبِيِّ مُحَمَّدِ

أَما وَاللَهِ إِنَّ الظُلمَ لومُ
وَما زالَ المُسيءُ هُوَ الظَلومُ
إِلى دَيّانِ يَومِ الدينِ نَمضي
وَعِندَ اللَهِ تَجتَمِعُ الخُصومُ
لِأَمرٍ ما تَصَرَّفَتِ اللَيالي
وَأَمرٍ ما تُوُلِّيَتِ النُجومُ
سَتَعلَمُ في الحِسابِ إِذا اِلتَقَينا
غَداً عِندَ الإِلَهَ مَنِ المَلومُ
سَيَنقَطِعُ التَرَوُّحُ عَن أُناسٍ
مِنَ الدُنيا وَتَنقَطِعُ الغُمومُ
تَلومُ عَلى السَفاهِ وَأَنتَ فيهِ
أَجَلُّ سَفاهَةً مِمَّن تَلومُ
وَتَلتَمِسُ الصَلاحَ بِغَيرِ حِلمٍ
وَإِنَّ الصالِحينَ لَهُم حُلومُ
تَنامُ وَلَم تَنَم عَنكَ المَنايا
تَنَبَّه لِلمَنِيَّةِ يا نَؤومُ
تَموتُ غَداً وَأَنتَ قَريرُ عَينٍ
مِنَ الغَفَلاتِ في لُجَجٍ تَعومُ
لَهَوتَ عَنِ الفَناءِ وَأَنتَ تَفنى
وَما حَيٌّ عَلى الدُنيا يَدومُ
تَرومُ الخُلدَ في دارِ المَنايا
وَكَم قَد رامَ غَيرُكَ ما تَرومُ
سَلِ الأَيّامَ عَن أُمَمٍ تَقَضَّت
سَتُخبِرُكَ المَعالِمُ وَالرُسومُ
وَما تَنفَكُّ مِن زَمَنٍ عَقورٍ
بِقَلبِكَ مِن مَخالِبِهِ كُلومُ
إِذا ما قُلتَ قَد زَجَّيتُ غَمّاً
فَمَرَّ تَشَعَّبَت مِنهُ غُمومُ
وَلَيسَ يَذُلُّ بِالإِنصافِ حَيٌّ
وَلَيسَ يَعِزُّ بِالغَشمِ الغَشومُ
وَلِلمُعتادِ ما يَجري عَلَيهِ
وَلِلعاداتِ يا هَذا لُزومُ

شعر أبو العتاهية عن الصبر

شعر أبو العتاهية عن الصبر يقول :

يا نَفسُ ما هُوَ إِلّا صَبرُ أَيّامِ
كَأَنَّ لَذَّتَها أَضغاثُ أَحلامِ
يا نَفسُ ما لِيَ لا أَنفَكُّ مِن طَمَعٍ
طَرفي إِلَيهِ سَريعٌ طامِحٌ سامِ
يا نَفسُ كوني عَنِ الدُنيا مُباعِدَةً
وَخَلِّفيها فَإِنَّ الحَقَّ قُدّامي
يا نَفسِ ما الذُخرُ إِلّا ما اِنتَفَعتُ بِهِ
في القَبرِ يَومَ يَكونُ الدَفنُ إِكرامي
وَلِلزَمانِ وَعيدٌ في تَصَرُّفِهِ
إِنَّ الزَمانَ لَذو نَقضٍ وَإِبرامِ
أَمّا المَشيبُ فَقَد أَدّى نَذارَتَهُ
وَقَد قَضى ما عَلَيهِ مُنذُ أَعوامِ
إِنّي لَأَستَكثِرُ الدُنيا وَأُعظِمُها
جَهلاً وَلَم أَرَها أَهلاً لِإِعظامِ
يا ذا الَّذي يَومُهُ آتٍ بِساعَتِهِ
وَإِن تَأَخَّرَ عَن عامٍ إِلى عامِ
فلَو عَلا بِكَ أَقوامٌ مَناكِبَهُم
حَثّوا بِنَعشِكَ إِسراعاً بِأَقدامِ
في يَومِ آخِرِ تَوديعٍ تُوَدَّعُهُ
تُهدى إِلى حَيثُ لا فادٍ وَلا حامِ
ما الناسُ إِلّا كَنَفسٍ في تَقارُبِهِم
لَولا تَفاوُتُ أَرزاقٍ وَأَقسامِ
كَم لِاِبنِ آدَمَ مِن لَهوٍ وَمِن لَعِبٍ
وَلِلحَوادِثِ مِن شَدٍّ وَإِقدامِ
كَم قَد نَعَت لَهُمُ الدُنيا الحُلولَ بِها
لَو أَنَّهُم سَمِعوا مِنها بِأَفهامِ
وَكَم تَخَرَّمَتِ الأَيّامُ مِن بَشَرٍ
كانوا ذَوي قُوَّةٍ فيها وَأَجسامِ
يا ساكِنَ الدارَ تَبنيها وَتَعمُرُها
وَالدارُ دارُ مَنِيّاتٍ وَأَسقامِ
لا تَلعَبَنَّ بِكَ الدُنيا وَخُدعَتُها
فَكَم تَلاعَبَتِ الدُنيا بِأَقوامِ
يا رُبَّ مُقتَصِدٍ عَن غَيرِ تَجرِبَةٍ
وَمُعتَدٍ بَعدَ تَجريبٍ وَإِحكامِ
وَرُبَّ مُكتَسِبٍ بِالحِلمِ واقِيَةً
وَرُبَّ مُستَهدِفٍ بِالبَغيِ لِلرامي

مَن كانَتِ الدُنيا من كبَرِ هَمِّهِ
نَصَبَت لَهُ مِن حُبِّها ما يُتعِبُه
فَاِصبِر عَلى الدُنيا وَطولِ غُمومِها
ما كُلُّ مَن فيها يَرى ما يُعجِبُه
ما زالَتِ الأَيّامُ تَلعَبُ بِالفَتى
طَوراً تُخَوِّلُهُ وَطَوراً تَسلُبُه
مَن لَم يَزَل مُتَعَجِّباً مِن كُلِّ ما
تَأتي بِهِ الأَيّامُ طالَ تَعَجُّبُه

شعر أبو العتاهية في الحكمة

قال أبو العتاهية :

إِنَّ الطَبيبَ بِطِبِّهِ وَدَوائِهِ
لا يَستَطيعُ دِفاعَ مَكروهٍ أَتى
ما لِلطَبيبِ يَموتُ بِالداءِ الَّذي
قَد كانَ يُبرِئُ جُرحَهُ فيما مَضى
ذَهَبَ المُداوي وَالمُداوى وَالَّذي
جَلَبَ الدَواءَ وَباعَهُ وَمَنِ اِشتَرى

وقال
نَموتُ وَنُنسى غَيرَ أَنَّ ذُنوبَنا
وَإِن نَحنُ مِتنا لا تَموتُ وَلا تُنسى

وقال
أَلا رُبَّ ذي عَينَينِ لا تَنفَعانِهِ
وَهَل تَنفَعُ العَينانِ مَن قَلبُهُ أَعمى

وقال
سُبحانَ مَن يُعطي بَغَيرِ حِسابِ
مَلِكِ المُلوكِ وَوارِثِ الأَربابِ
وَمُدَبِّرِ الدُنيا وَجاعِلِ لَيلَها
سَكَناً وَمَنزِلِ غَيثِ كُلِّ سَحابِ
يا نَفسُ لا تَتَعَرَّضي لِعَطِيَّةٍ
إِلّا عَطِيَّةَ رَبِّكَ الوَهّابِ
يا نَفسُ هَلّا تَعمَلينَ فَإِنَّنا
في دارِ مُعتَمَلٍ لِدارِ ثَوابِ

وقال
أَلا لِلَّهِ أَنتَ مَتى تَتوبُ
وَقَد صَبَغَت ذَوائِبَكَ الخُطوبُ
كَأَنَّكَ لَستَ تَعلَمُ أَيُّ حَثٍّ
يَحُثُّ بِكَ الشُروقُ وَلا الغُروبُ
أَلَستَ تَراكَ كُلَّ صَباحِ يَومٍ
تُقابِلُ وَجهَ نائِبَةٌ تَنوبُ
لَعَمرُكَ ما تَهُبُّ الريحُ إِلّا
نَعاكَ مُصَرِّحاً ذاكَ الهُبوبُ
إِلا لِلَّهِ أَنتَ فَتىً وَكَهلاً
تَلوحُ عَلى مَفارِقِهِ الذُنوبُ
هُوَ المَوتُ الَّذي لا بُدَّ مِنهُ
فَلا تَلعَب بِكَ الأَمَلُ الكَذوبُ
وَكَيفَ تُريدُ أَن تُدعى حَكيماً
وَأَنتَ لِكُلِّ ما تَهوى رَكوبُ
وَما تَعمى العُيونُ عَنِ الخَطايا
وَلَكِن إِنَّما تَعمى القُلوبُ
وَتُصبِحُ صاحِكاً ظَهراً لِبَطنٍ
وَتَذكُر ما اِجتَرَمتَ فَلا تَذوبُ
أَلَم تَرَ إِنَّما الدُنيا حُطامٌ
تَوَقَّدُ بَينَنا فيها الحُروبُ
إِذا نافَستَ فيهِ كَساكَ ذُلّاً
وَمَسَّكَ في مُطالِبِهِ اللُغوبُ
أَراكَ تَغيبُ ثُمَّ تَأوبُ يَوماً
وَيوشِكُ أَن تَغيبَ وَلا تَأوبُ
أَتَطلُبُ صاحِباً لا عَيبَ فيهِ
وَأَيُّ الناسِ لَيسَ لَهُ عُيوبُ
رَأَيتُ الناسَ صالِحُهُم قَليلٌ
وَهُم وَاللَهُ مَحمودٌ ضُروبُ
وَلَستُ مُسَمِّياً بَشَراً وَهوباً
وَلَكِنَّ الإِلَهَ هُوَ الوَهوبُ
فَحاشَ لِرَبِّنا عَن كُلِّ نَقصٍ
وَحاشَ لِسائِليهِ أَن يَخيبوا

وقال
يا واعِظَ الناسِ قَد أَصبَحتَ مُهتَمّاً
إِذ عِبتَ مِنهُم أُموراً أَنتَ تاتيها
كَالمُلبِسِ الثَوبَ مِن عُريٍ وَعَورَتُهُ
لِلناسِ بادِيَةٌ ما إِن يُواريها
وَأَعظَمُ الإِثمِ بَعدَ الشِركِ نَعلَمُهُ
في كُلِّ نَفسٍ عَماها عَن مَساويها
وَشُغلُها بِعُيوبِ الناسِ تُبصِرُها
مِنهُم وَلا تُبصِرُ العَيبَ الَّذي فيها

وقال أيضاً
أَرى الدُنيا لِمَن هِيَ في يَدَيهِ
عَذاباً كُلَّما كَثُرَت لَدَيهِ
تُهينُ المُكرِمينَ لَها بِصُغرٍ
وَتُكرِمُ كُلَّ مَن هانَت عَلَيهِ
إِذا اِستَغنَيتَ عَن شَيءٍ فَدَعهُ
وَخُذ ما أَنتَ مُحتاجٌ إِلَيهِ

شعر أبو العتاهية في الحب

في الفقرة التالية، سنستعرض أجمل شعر أبو العتاهية في الحب ، حيث كان معروفًا بشغفه بالشعر الرومانسي قبل أن يتجه نحو الزهد ومن بين قصائده :

إِخوَتي إِنَّ الهَوى قاتِلي
فَيَسِّروا الأَكفانَ مِن عاجِلِ
وَلا تَلوموا في اتِّباعِ الهَوى
فَإِنَّني في شُغُلٍ شاغِلِ
عَيني عَلى عُتبَةَ مُنهَلَّةٌ
بِدَمعِها المُنسَكِبِ السائِلِ
يا مَن رَأى قَبلي قَتيلاً بَكى
مِن شِدَّةِ الوَجدِ عَلى القاتِلِ
بَسَطتُ كَفّي نَحوَكُم سائِلاً
ماذا تَرُدّونَ عَلى السائِلِ
إِن لَم تُنيلوهُ فَقولوا لَهُ
قَولاً جَميلاً بَدَلَ النائِلِ
أَوكُنتُمُ العامَ عَلى عُسرَةٍ
مِنهُ فَمَنّوهُ إِلى قابِلِ
كَأَنَّها مِن حُسنِها دُرَّةٌ
أَخرَجَها اليَمُّ إِلى الساحِلِ
كَأَنَّ في فيها وَفي طَرفِها
سَواحِراً أَقبَلنَ مِن بابِلِ
لَم يُبقِ مِنّي حُبُّها ما خَلا
حُشاشَةً في بَدَنٍ ناحِلِ

وقال ايضاً :

كأنها من حسنها درة
أخرجها اليم إلى الساحل
كأنما فيها وفي طرفها
سواحر أقبلن من بابل
لم يبق مني حبها ماخلا
حُشاشة في بدن ناحل
يا من رأى قبلي قتيلا بكى
من شدة الوجد على القاتل