اشعار عن الزهد
يعتبر الزهد مذهبًا شعريًا مستقلًا في الشعر العربي، حيث توجد اشعار عن الزهد والقناعة وشعراء معروفون بين العرب بتوجههم الزاهد. وقد ازدهرت القصيدة الزاهدة بشكل خاص في العصر العباسي، حيث بدأت تُدرج كجزء من المواضيع الشعرية، ثم تطورت لتصبح مذهبًا مستقلًا له رواده ومتابعوه.
يا مَنْ يَرى مَدّ البعوض جناحها
في ظلمة ِ الليل ِ البهيم ِ الأليل
ويرى مناط عروقها في نحرها
والمخّ من تلك العظام النحّل
ويرى خريرَ الدم ِ في أوداجها
متنقلاً من مفصل في مفصل
ويرى وصول غذا الجنين ببطنها
في ظلمة الأحشا بغير تمقل
ويرى مكان الوطء من أقدامها
في سيرها وحثيثها المستعجل
ويرى ويسمع حس ما هو دونها
في قاع بحر ٍ مظلم ٍ متهول
امنُنْ عليَّ بتوبة ٍ تمحو بها
ما كانَ مني في الزمان الأول
لاح شيب الرأس مني فنصح
بعد لهو وشباب و مرح
إخوتي توبوا إلى الله بنا
قد لهونا و جهلنا ما صلح
نحن في دار نرى الموت بها
لم يدع فيها لذي اللب فرح
يا بني آدم صونوا دينكم
ينبغي للدين أن لا يطرح
و احمدوا الله الذي أكرمكم
بنبي قام فيكم فنصح
بنبي فتح الله به
كل خير نلتموه و منح
مرسل لو يوزن الناس به
في التقى و البر خفوا و رجح
فرسول الله أولى بالعلى
و رسول الله أولى بالمدح
شعر في الزهد للشافعي
تم جمع شعر الإمام الشافعي وحكمه في ديوان يحمل اسمه، حيث يُعتبر الإمام الشافعي من أبرز رموز الحكمة في الشعر العربي. وقد ترك العديد من الأقوال في الزهد، من بينها قوله :
الشافعي غناه بلا دراهم!
رأيْتُ القنَاعَةَ رَأْسَ الغنَى
فصِرتُ بأَذْيَالِهَا مُمْتَسِكْ
فلا ذا يَراني عَلى بَابهِ
وَلا ذا يَرَاني بهِ مُنْهمِكْ
فصرتُ غَنِيّاً بِلا دِرْهَم
أمرُّ على النَّاسِ شِبهَ الملِكْ
القناعة هي رأس المال الحقيقي
عزيزُ النَّفْسِ مَنْ لزمَ القناعَةْ
ولَمْ يكْشِفْ لمخْلُوقٍ قِنَاعَهْ
أفادَتْنِي التَّجاربُ كُلَّ عِزٍّ
وهلْ عِزٌّ أَعَزُّ مِنَ القَنَاعَةْ
فَصَيِّرْهَا لنفْسِكَ رأسَ مالٍ
وصَيِّر بعدها التَّقْوَى بِضَاعَةْ
ولا تُطِعِ الهَوَى والنَّفْسَ واعْمَلْ
مِنَ الخَيْرَاتِ قَدرَ الاسْتِطَاعَة
أُحِبُّ الصَّالِحِينَ ولَسْتُ مِنْهُمْ
لعلِّي أَنْ أَنَالَ بِهِمْ شَفَاعَةْ
وأكْرَهُ مَنْ تجَارَتُهُ المعَاصِي
ولَوْ كُنَّا سوَاء فِي البِضَاعَةْ
دَعِ الأيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ
وطِبْ نفساً إذا حَكمَ القضاءُ
ولا تَجْزَعْ لنازِلةِ اللَّيالي
فــما لحَوادثِ الدُّنيا بقاءُ
شعر عن الزهد لأبي العتاهية
شعر عن الزهد لأبي العتاهية :
فَلا تَعشَقِ الدُنيا أُخَيَّ فَإِنَّما
تَرى عاشِقَ الدُنيا بِجُهدِ بَلاءِ
حَلاوَتُها مَمزوجَةٌ بِمَرارَةٍ
وَراحَتُها مَمزوجَةٌ بِعَناءِ
فَلا تَمشِ يَوماً في ثِيابِ مَخيلَةٍ
فَإِنَّكَ مِن طينٍ خُلِقتَ وَماءِ
شعر عن الزهد في الحب
في الفقرة التالية، سنستعرض أجمل ما قيل عن أبو العتاهية في موضوع الحب. كان معروفًا بشغفه بالشعر الرومانسي قبل أن يتجه نحو الزهد. ومن بين قصائده :
قصيدة يا إخوتي إن الهوى قاتلي
بِدَمعِها المُنسَكِبِ السائِلِ، يا مَن رَأى قَبلي قَتيلاً بَكى.
إِن لَم تُنيلوهُ فَقولوا لَهُ، قَولاً جَميلاً بَدَلَ النائِلِ.
قصيدة عزة الحب أرته ذاتي
عِزَّةُ الحُبِّ أَرَتهُ ذِلَّتي، في هَواهُ وَلَهُ وَجهٌ حَسَن.
وَلِهَذا صِرتُ مَملوكاً لَهُ، وَلِهَذا شاعَ ما بي وَعَلَن.
قصيدة بالله يا حلوة العينين زوريني
بِاللَهِ يا حُلوَةَ العَينَينِ زوريني، قَبلَ المَماتِ وَإِلّا فَاِستَزيريني.
هَذانِ أَمرانِ فَاِختاري أَحَبَّهُما، إِلَيكَ أَو لا فَداعي المَوتَ يَدعوني.
قصيدة دار بليت بحبها
دارٌ بُليتُ بِحُبِّها، خَوّانَةٌ لِمُحِبِّها.
كُلٌّ مُعَنّى مُبتَلىً، بِعَطائِها وَبِسَلبِها.
قصيدة لعمرك ما الدنيا بدار بقاء
يُرَى عاشِقُ الدُّنيَا بجُهْدِ بَلاَءِ، حَلاَوَتُهَا ممزَوجَة ٌ بمرارةٍ.
ورَاحتُهَا ممزوجَة ٌ بِعَناءِ، فَلا تَمشِ يَوْماً في ثِيابِ مَخيلَةٍ.
قصيدة يا طالب الحكمة من أهلها
يا طالِبَ الحِكمَةِ مِن أَهلِها، النورُ يَجلو لَونَ ظَلمائِهِ.
وَلأَصلُ يَسقي أَبَداً فَرعَهُ، وَتُثمِرُ الأَكمامُ مِن مائِهِ.