الغزل بالمرأة في الشعر الجاهلي
يمكننا في بداية حديثنا عن دور المرأة في العصر الجاهلي أن نؤكد أنها كانت محوراً أساسياً في معظم قصائد الشعر الجاهلي. سواء كان الشاعر يخصص قصائد مستقلة لها، أو يرمز إلى حبه من خلالها عبر مشاهد متعددة مثل الطلل وارتحال الظعائن وغيرها. لذا، ندعوكم لاكتشاف أبرز نماذج الغزل بالمرأة في الشعر الجاهلي في المقال التالي.
قال الشاعر (النابغة الذبياني) :
بَیِضاءُ کالشّمْسِ وافَتْ یَومَ أسْعَدها
لَمْ تُؤذِ أهلاً ولم تُفحش علی جار
أقولُ وَالنّجْمُ قَدْ مَالَتْ أواخِرُهُ
إلی المَغیبِ تُبیتُ نظرة حارِ
أَلَمْحَةٌ مِنْ سَنا بَرْقٍ رَأی بَصَري
أمْ وَجْهُ نعمٍ بَدا لِي، أمْ سَنَا ناَرِ؟
بَلْ وَجُهُ نُعمٍ بَدا، وَالَّلیْلُ مُعْتَکرٌ
فَلاحَ مِنْ بَیْنِ أَثْوابٍ وَأَسْتارِ
قول الأعشى في وداع صاحبته :
وَدِّعْ هريرةَ إن الركب مرتحل
وهل تطيق وداعًا أيها الرجل
غراء فرعاء مصقول عوارضها
تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل
كأن مشيتها من بيت جارتها
مر السحابة لا ريث ولا عجل
تسمع للحلي وسواسًا إذا انصرفتْ
كما استعان بريح عشرق زجل
ليست كمن يكره الجيران طلعتها
ولا تراها لسر الجار تختتل
و يقول الشاعر أبو قران طفيل الغنوي :
إن النِّساءَ كَأَشجَارٍ نَبتنَ معَاً
منها المرارُ وبعضُ المرَّ مأكولُ
إن النِّساء متى يَنهَيْن عن خُلُقِ
فإنَّهُ واجِبٌ لا بُـدَّ مَفعُـــــــــولُ
لا يَنْثَنَيْنِ لِرُشــــدٍ إن مُنِيْنَ لـه
وهُنَّ بعدُ مَلُومَـاتٌ مَخَاذِيـــــــلُ
وقال اخر:
إن النساء هم الخيول بعينهم
فاختر لنفسك ما تحب وتعشقا
وخذ الأصيلة إن بُليتَ وكن بها
بطلاً شجاعًا فارسًا لا تُلتقى
واحفظ زمام عنانها من غدرها
واحذر تصدِّق أنها لك تعشقا
واسمع كلامي إنني ذو خلطة
دُرتُ البلاد فقلما ذي تُلتقى
شعر جاهلي غزل قصير
أشعار عنترة بن شداد
أشاقك من عبل الخيال المبهج … فقلبك منه لاعج يتوهج
فقدت التي بانت فبت معذبا … وتلك احتواها عنك للبين هودج
كأن فؤادي يوم قمت مودعا … عبيلة مني هارب يتمعج
خليلي ما أنساكما بل فداكما … أبي وأبوها أين أين المعرج
الماء بماء الدحرضين فكلما … ديار التي في حبها بت ألهج .
أشعار النابغة الذبياني
نَظَرَتْ بمُقْلَة ِ شادِنٍ مُتَرَبِّبٍ … أحوى، أحمَّ المقلتينِ، مقلدِ
والنظمُ في سلكٍ يزينُ نحرها … ذهبٌ توقَّدُ كالشّهابِ المُوقَدِ
صَفراءُ كالسِّيرَاءِ، أكْمِلَ خَلقُها … كالغُصن في غُلَوائِهِ المتأوِّدِ
قامتْ تراءى بينَ سجفيْ كلةٍ …كالشّمسِ يومَ طُلُوعِها بالأسعُدِ
أوْ دُرّةٍ صَدَفِيّة ٍ غوّاصُها … بَهِجٌ متى يرها يهلّ ويسجدِ .
أشعار ابن الخياط
أُمنِّي النفسَ وصلاً من سُعادِ … وأين من المنى دَرَكُ المُراد
وكيف يَصحُّ وصلٌ من خليلٍ … إذا ما كان مُعتَلَّ الودادِ
تمادى في القطيعة لا لجُرْمٍ … وأجفى الهاجرينَ ذوُو التمادي
يفرِّقُ بينَ قلبِي والتأسِّي … وَيَجْمَعُ بَينَ طَرْفِي والسُّهادِ .
أشعار عبد الله بن مسعود الهذلي
تغلغل حبُّ عثمة في فؤادي … فباديه مع الخافي يسيرُ
تغلغل حيث لم يبلغ شرابٌ … ولا حزنٌ ولم يبلغ سرور
شققت القلب ثم ذررت فيه … هواكِ فلِيمَ فالتأم الفطورُ
أكادُ إذا ذكرت العهد منها … أطيرُ لو أن إنساناً يطيرُ
غنيّ النفس أن أزداد حباً … ولكني إلى صلة فقيرُ .
أشعار امرؤ القيس
فتلكَ الـتي هــامَ الفـؤادُ بحــــبّها … مهفــهـفةً بيـــضاءَ دُريَّةُ القـــبلْ
ولي ولها في النّاسِ قولٌ وسمعةٌ … ولي ولـــها في كلِّ ناحيةٍ مـــَثلْ
كأنَّ على أسنانـها بعدَ هـَجـعةٍ … سفرجلَ أو تفاحَ في القندِ والعسلْ
ردّاح صَموتُ الحِجلِ تمشي تبخـــتراً … وصرّاخةُالحِجلينِ يصرخنَ في زَجلْ
غموضٌ عضوضُ الحجلِ لوأنَّها … مَشت بهِ عندَبابِ السبسبينَ لانفصلْ .
وقال أيضا
حجازيةُ العينـينِ مكّـِيةُ الحــشا … عراقـيَّةُ الأطرافِ روميّــةُ الكَــفلْ
تُـهاميّــَةُ الأبـدانِ عبسـيَّةُ اللَّمَى … خِـزاعـــيـَّةُ الأســــنانِ دُريَّةُ القُــبلْ
وقلتُ لـها أيُّ القبائـلِ تُنسـبي … لَعلّي بينَ النّاسِ في الشِّعرِ كَي أَسَلْ
فـــقالت أنـــا كـنـديّـــةٌ عربـيّةٌ … فقلتُ لــها حاشـا وكـلا وهَـل وبَـلْ؟
أشعار يزيد بن معاوية
خذوا بدمي ذات الوشاح فإنني … رأيتُ بعيني في أناملها دمي
أغار عليها من أبيها وأمها … ومن خطوة المسواك إن دار في الفم
أغار على أعطافها من ثيابها … إذا ألبستها فوق جسم منعم
وأحسد أقداحا تقبلُ ثغرها … إذا أوضعتها موضع المزج ِفي الفم
أشعار قيس بن الملوح
تَدَاوَيْتُ مِنْ لَيْلَى بِلَيْلَى عَن الْهَوى … كمَا يَتَدَاوَى شَارِبُ الخَمْرِ بِالْخَمْرِ
ألا زعمت ليلى بأن لا أحبها … بَلَى وَاللَّيَالِي العَشْرِ والشَّفْعِ وَالْوَتْرِ
بَلَى وَالَّذي لاَ يَعْلَمُ الغَيْبَ غيْرُهُ … بقدرته تجري السفائن في البحر
بَلَى والَّذِي نَادَى مِنَ الطُّورِ عَبْدَهُ … وعظم أيام الذبيحة والنحر
لقد فضلت ليلى على الناس مثل ما … على ألف شهر فضلت ليلة القدر.
شعر جاهلي غزل فاحش في وصف جسد المرأة
شعر جاهلي غزل فاحش في وصف جسد المرأة :
في وجنتيكِ حديثُ براءةٍ ونقا
قد جمَّل الله هذا الحسُنَ والأَلَقا
هذا المكان فسيحٌ جدُّ متسعٍ
إذا أنا أنتِ كنَّا في الهوى رُفَقَا
أقمتُ عينيَّ في عينيك مبتغيًا
أجر الثواب لمن بالحبِّ قد صدقا
لقد شُدِهتُ وإنَّي قد ثويتُ هنا
هل تسمحين أضمُّ النهد والعُنُقَا
هذا الدلال ..وشيءٌ منكِ في غنجٍ
باللهِ زيدي فؤادي في الحشى رَهَقا
أسلمتُكِ القلبَ غضًّا غير مهترئٍ
فعانقيهِ .. جزاءُ البينِ ما سَبَقا
أنَّي أنا أنتِ يا روحي ويا أملي
ويا عبيرًا بذاتِ الروضِ قد عَبَقا
قُصِّي عليَّ حديثَ الشوقِ يا لُغتي
وجمِّلي حرفَكِ الملثوغِ ما نَطَقا
وأودعي في فؤادي ألفَ أغنيةٍ
وأسمعيهِ نشيدًا يعبرُ الأُفُقَا
هنا الدروب ..وعينُ اللهِ تحرسُنا
هنا حبيبانِ .. ايمُ اللهِ ما افترقا
هنا الحكاياتُ.. قلبٌ دافئٌ، ثَمِلٌ
في ساحتَيهِ قطارُ الوصل منطلقا
هنا حروفُك خجلى.. ترتمي وَلَهاً
ورمشُ عينيكِ لم يُبقِ لنا رمقا!
جميلةٌ أنتِ! لحنٌ، قصَّةٌ، نغمٌ
فكم تروِّينَ في جنبيَّ ما عَلِقا
وكم ينوء بأثقال الهوى كَتِفي
وعند وصلكِ يبقى منطقي لَبِقا
فجاوزي حرفي المشبوه واتَئدي
وناظري في شحوب الوجهِ ما خَلِقا
وبابُ حبِّي مفتوحٌ وها أنا ذا
أدخلتُكِ الدارَ ممتنًّا ومرتفقا
عاهدتُكِ اللهَ أيمانًا مغلَّظةً
أن نسقيَ الحبَّ دومًا كلَّما بَسَقا
قال الشاعر واصفًا ما رأى من محاسن جسد المحبوبة:حجازيةُ العينـينِ مكّـِيةُ الحــشا
عراقـيَّةُ الأطرافِ روميّــةُ الكَــفلْ
تُـهاميّــَةُ الأبـدانِ عبسـيَّةُ اللَّمَى
خِـزاعـــيـَّةُ الأســــنانِ دُريَّةُ القُــبلْ
وقلتُ لـها أيُّ القبائـلِ تُنسـبي
لَعلّي بينَ النّاسِ في الشِّعرِ كَي أَسَلْ
فقالت: أنـــا كـنـديّـــةٌ عربـيّةٌ
فقلتُ لــها: حاشـا وكـلا وهَـل وبَـلْ؟
قال الشاعر أبو الطيب المتنبي أيضًا :
وحبيب أخفَوه منّى نهاراً
فتخَفّى وزارني في اكتِئامِ
زارني في الظلام يطلب ستراً
فافتَضحنا بنورهِ في الظلامِ
قال الشاعر الجاهلي امرؤ القيس:وَيَومَ دَخَلتُ الخِدرَ خِدرَ عُنَيزَةٍ
فَقالَت لَكَ الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرجِلي
تَقولُ وَقَد مالَ الغَبيطُ بِنا مَعًا
عَقَرتَ بَعيري يا اِمرَأَ القَيسِ فَاِنزُلِ
فَقُلتُ لَها: سيري وَأَرخي زِمامَهُ
وَلا تُبعِديني مِن جَناكِ المُعَلَّلِ
فَمِثلُكِ حُبلى قَد طَرَقتُ وَمُرضِعٍ
فَأَلهَيتُها عَن ذي تَمائِمَ مُحوِلِ