محتويات المقال
اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك
دعاء “اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك” ورد عن حفصة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان إذا أراد النوم، يضع يده اليمنى تحت خده، ثم يقول: “اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك” ثلاث مرات.
- هذا الحديث أخرجه أبو داود، وأخرجه النَّسائي في “السنن الكبرى”، وقد سكت عنه أبو داود، وعرفنا أنَّ ما سكت عنه فهو صالحٌ للاحتجاج عنده، وحسَّنه جمعٌ من أهل العلم: كالحافظ ابن حجر، وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله-، والألباني -رحمه الله- قال في بعض المواضع: صحيحٌ لغيره. وقال في بعض المواضع: صحيحٌ. لكنه تراجع عن تصحيح هذه الجملة، وهي: “ثلاث مرات”، يعني: أنَّ الحديثَ صحَّ عنده من غير هذه الزيادة: “ثلاث مرات”.
- وقولها -رضي الله عنها-: “كان إذا أراد أن يرقد”، يعني: ينام، “وضع يدَه اليُمنى تحت خدِّه”، في بعض رواياته كما ذكرتُ آنفًا: “الأيمن”، فهي زيادةٌ صحيحةٌ: “تحت خدِّه الأيمن”، وإذا وضع كفَّه هذه تحت خدِّه الأيمن فهذا يعني: أنَّه قد نام على جنبه الأيمن، وهذه هي السُّنة.
- وقد ذكر بعضُ أهل العلم -كالحافظ ابن القيّم وغيره- عِلَّةً لذلك من النَّاحية الطّبية، وقالوا: إنَّ القلبَ في الجانب الأيسر، فإذا نام الإنسانُ على الجانب الأيمن يكون القلبُ مُعلَّقًا، ويكون ذلك أدعى لليقظة، وألا يستغرق في النوم استغراقًا يُفوِّت عليه الصَّلاة، فلا ينتبه. هكذا قال، والله تعالى أعلم.
- على كل حالٍ، يبقى أنَّ النومَ على الجنب الأيمن سُنَّة، ولو احتاج إلى أن ينام على جنبٍ آخر فلا بأس، من الناس مَن قد لا يستريح لعلَّةٍ إلا أن ينام مُستلقيًا، أو ينام على جنبه الأيسر، ولكن النوم على البطن تلك نومةٌ يبغضها الله تعالى، لكن إن كانت به عِلَّة، واقتضت أن ينام على بطنه؛ فهذا يكون معذورًا، لكن لا يفعله اختيارًا.
- والنوم على الجنب الأيمن إذا كان سُنَّةً؛ فإنَّ ذلك يُوقف عنده أيًّا كانت العلّة، وأمَّا استقبال القبلة في النوم؛ أن يكون وجهه إلى القبلة إذا نام على جنبه الأيمن؛ فهذا لا أصلَ له، ليس هناك شيءٌ عن النبي ﷺ يصحّ إطلاقًا في أنَّ النَّائم يستقبل القبلة، إنما يستقبل القبلة للصلاة، أمَّا في نومه فإنَّ ذلك لا يُطلب فيه استقبال القبلة.
اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك متى يقال هذا الذكر
اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك متى يقال هذا الذكر:
- لا يجعله من أذكار الصباح: «رب قني عذابك يوم تبعث عبادك»، ثم هذا دعاء يدعو به كل وقت، هذا من الأمور المشروعة «اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك» «ربِّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين»، وما أشبه ذلك.
اللهم إِنَّـكَ خَلَقْتَ نفسي وأنت توفاها
جاء عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنَّه أمر رجلاً إذا أخذ مضجعه قال: اللهم خلقتَ نفسي، وأنت توفَّاها، لك مماتها ومحياها، إن أحييتَها فاحفظها، وإن أمتَّها فاغفر لها، اللهم إني أسألك العافية، فقال له الرجلُ: أسمعتَ هذا من عمر؟ فقال: من خيرٍ من عمر، من رسول الله ﷺ.
- هذا الحديث أخرجه الإمامُ مسلم -رحمه الله- في “صحيحه”.
- وقوله: (أمر رجلاً إذا أخذ مضجعه)، بمعنى: أنَّه قد صار على فراشه، يعني: على جنبه.
- أن يقول: اللهم أي: يا الله -كما سبق الكلامُ على ذلك-، حُذفت منه ياء النِّداء.
- اللهم خلقتَ نفسي أنت الذي أوجدتَها، وأنت توفَّاها أنت الذي تقبضها، ويُوضحه ما جاء بعده من قوله: لك مماتها ومحياها، فقدَّم الجار والمجرور: لك لإفادة الحصر؛ أنَّ ذلك مما تختصّ به، لا يُشاركك فيه أحدٌ سواك، يعني: لا يملك حياتها وموتها إلا أنت، فالله -تبارك وتعالى- هو الذي يُحيي ويُميت، وهو الذي ينفرد بذلك وحده دون مَن سواه، ولو اجتمع الخلقُ جميعًا على أن يحيوا شيئًا من المخلوقات، ولو ذُبابًا؛ فإنَّهم لا يستطيعون ذلك، وهكذا لو اجتمعوا على أن يُميتوا أحدًا من هؤلاء الأحياء؛ فإنَّهم لا يستطيعون، فالله جعل لذلك أجلاً محددًا لا يمكن أن يتقدّم عليه، أو يتأخّر.
- لك مماتها ومحياها وإذا كان الأمرُ كذلك فلا وجهَ للتَّعلق بالطَّبيب، أو بالدَّواء، أو بغير ذلك مما يتشبّث به بعضُ الناس من أجل الحياة والبقاء، فالله هو الذي يملك ذلك وحده، وهذا يبعث على القوة، والشَّجاعة، والإقدام في ميدان الحرب والقتال، فلا يجبُن من مُلاقاة عدوه؛ لأنَّه يعلم أنَّ الأجلَ بيد الله -تبارك وتعالى-، بخلاف مَن لا يعتقد هذه العقيدة.
- انظر الفرق بين حال إخواننا في غزة، وبين حال اليهود، تجد هؤلاء مع ما هم فيه من الشدّة والموت الذي يُشاهدونه صباح مساء، ومع ذلك هم في غاية الثَّبات، يُصلون الجمعة، ويُصلون الجماعة، وهذه القاذفات تقذف بهذه الحمم، وآلات القتل والدَّمار، وهم لا يُبالون، وصبيانهم يلعبون، ويضحكون، ويمرحون أمام هذه الصَّواريخ، فهذا لإيمانهم ويقينهم، مع ما هم فيه من الشدّة والبلاء، نسأل الله أن يُفرِّج عنهم.