الله المستعان
“الله المستعان” معناها: طلب القائل العون من الله تعالى وحده، والاستعانة به على ما يحيره، ويصعب عليه.
- ومن المناسب قولها عند حصول أمر صعب، أو محير، أو توقع مثل ذلك، ومن أمثلته قول يعقوب -عليه السلام- عند ما قال له أبناؤه: إن يوسف أكله الذئب.. قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {يوسف:83}، ومنه قول عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في الحديث المتفق عليه لما أخبر ببلوى تصيبه، قال عندها: الله المستعان.
- وأما الثانية: “إن شاء الله” فمعناها: تعليق القائل حصول ما سيفعله، أو يتوقع حصوله على مشيئة الله تعالى.
- والمناسب المستحب قولها عند إرادة فعل شيء في المستقبل، أو توقع حصول شيء فيه؛ ومن الأمثلة على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعتبان بن مالك -رضي الله عنه- عند ما قال له: ووددت يا رسول الله، أنك تأتيني فتصلي في بيتي، فأتخذه مصلى.. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: سأفعل إن شاء الله.. متفق عليه.
الله المستعان في القرآن
كلمة الله المستعان في القرآن: ﴿ وَجَاؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18].
- وجاء عن الحسن، قال: لما جاء إخوةُ يوسفَ بقميصه إلى أبيهم، قال: جعل يقلِّبه فيقول: ما عهدتُ الذئب حليمًا؟ أكل ابني، وأبقى على قميصِه.
- وقوله ﴿ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ يقول: واللهَ أستعينُ على كفايتي شرَّ ما تصفون من الكذب.
- وعن قتادة: ﴿ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾؛ أي: على ما تكذبون.
- وقال البيضاوي: ﴿ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ على احتمال ما تصفونه من إهلاك يوسف”.
- وقال أبو السعود: “﴿ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ﴾؛ أي: المطلوب منه العون وهو إنشاء منه – عليه السلام – للاستعانة المستمرة.
- وقال السعدي:”﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾؛ أي: أما أنا فوظيفتي سأحرص على القيام بها، وهي أني أصبر على هذه المحنة صبرًا جميلاً، سالمًا من السخط والتَّشكِّي إلى الخلق، وأستعينُ اللهَ على ذلك، لا على حَولي وقوّتي، فوعد من نفسه هذا الأمر، وشكا إلى خالقه، في قوله: ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 86]؛ لأن الشكوى إلى الخالق لا تنافي الصبر الجميل، لأن النبي إذا وعد وفَّى”[5].
الله المستعان ولله المشتكى في كل حال
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن دعاء موسى: اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك].
- تأملوا في هذا الدعاء العجيب: اللهم لك الحمد، هذا يتضمن الرضا، لما تقول: اللهم لك الحمد يعني: لك الثناء المطلق فإن ما أعطيتنا أكثر مما أخذت منا، وإليك المشتكى يعني: إذا اشتكيت من شيء أو احتجت إلى شيء لا أشتكي للمخلوق، بل أشتكي لله عز وجل، وأنت المستعان يعني: إذا أردت أن أبذل عملاً من الأعمال، فأنا بجهدي وحدي ليس عندي قدرة، لكن استعين بالله سبحانه وتعالى، وبك المستغاث وعليك التكلان ولا حول ولا قوة إلا بك، فهذا دعاء عظيم ومليء بالفوائد.
- مدار هذه الفوائد جميعاً هو أن الإنسان في هذه الدنيا ليس له إلا الله سبحانه وتعالى، اللهم لا منجى منك إلا إليك، وليس لنا إلا الله سبحانه وتعالى في الاستعانة وفي الشكوى وفي الحاجة وفي كل شيء.