بعد دعاء الاستخارة
بعد دعاء الاستخارة ، ليس من الضروري أن يرى المستخير رؤيا بعد دعاء الاستخارة، فقد يحدث أن يرى رؤيا أو لا يرى. لكن يمكن الاعتماد على انشراح الصدر أو عدمه في اتخاذ القرار بالمضي قدمًا في الأمر أو التراجع عنه. كما قال النووي رحمه الله: “إذا استخار، فليتقدم لما انشرح له صدره.”
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فإذا استخار الله كان ما شرح له صدره وتيسر له من الأمور هو الذي اختاره. انتهى. وقال علي القاري رحمه الله: ويمضي بعد الاستخارة لما ينشرح له صدره انشراحاً خالياً عن هوى النفس.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: واختلف فيما يفعل المستخير بعد الاستخارة، فقال ابن عبد السلام: يفعل ما اتفق، ويستدل له بقوله في بعض طرق حديث ابن مسعود وفي آخره: ثم يعزم، وقال النووي في الأذكار: يفعل بعد الاستخارة ما يشرح به صدره، ويستدل له بحديث أنس عند ابن السني: إذا هممت فاستخر ربك سبعا، ثم انظر إلى الذي يسبق في قلبك، فإن الخير فيه، وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد، لكن سنده واه جدا، والمعتمد أنه لا يفعل ما ينشرح به صدره مما كان فيه هوى قبل الاستخارة، وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر حديث أبي سعيد: ولا حول ولا قوة إلا بالله. انتهى.
وهذا الانشراح يحصل في اليقظة ولا يشترط فيه قوة الإيمان لأن الله يستجيب دعاء الداعي ولو كان ضعيف الإيمان، فالمستخير يسأل الله أن ييسر ويقدر له ما فيه الخير، فإذا تيسر الأمر دل ذلك على استجابة الدعاء.
فقد أخرج البخاري من حديث جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: “إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (وتسمي حاجتك) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (وتسميه) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به.
التردد بعد صلاة الاستخارة
كثيرة هي المواقف التي يتعرض لها الإنسان في هذه الحياة لا يدري فيها أيفعل هذا الأمر أو يدعه , يقبل عليه أم يدبر , يوافق على عرض عمل أم يرفضه , يهاجر ويسافر أم يبقى في بلده ومسقط رأسه , يشتري هذا البيت أم يبحث عن غيره………ليقع في نهاية المطاف في دوامة الحيرة ومستنقع التردد .و قد خصصنا هذا المقال على اقرأ لنعرض لكم حكم التردد بعد صلاة الاستخارة.
صلاة الاستخارة بعد الاستشارة , سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته في كل أمر لا يدري المسلم فيه وجه الصواب من الخطأ ولا يعلم العاقبة فيه خير أم شر .
فما دمت قد استخرت الله تعالى، فإنه سيختار لك الأصلح والأنفع، فلا ينبغي لك أن تتردد بعد ذلك، ولا بأس أن تشاور الأمين الناصح، فإنه ما ندم من استخار واستشار.
جاء في الحديث عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ : إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ:اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ , وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ , وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ , اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ , اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ . وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ ) صحيح البخاري.
القلق بعد صلاة الاستخارة
القلق بعد الاستخارة ليس هو الرد على الاستخارة، نعم انشراح الصدر علامة وبشارة يستأنس بها على ذلك، لكن عدم الانشراح أو القلق، ليس معناه أن هذا الأمر ليس فيه خير، بل العلامة هي الانصراف عن الأمر بحيث لا يبقى القلب معلقاً بذلك الأمر.
إذا أن علامة قبول الاستخارة هي الانصراف عن الأمر المستخار الله فيه لنص الحديث: فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به.
قال في الموسوعة الفقهية: وأما علامات عدم القبول فهو: أن يصرف الإنسان عن الشيء لنص الحديث ولم يخالف في هذا أحد من العلماء، وعلامات الصرف: ألا يبقى قلبه بعد صرف الأمر عنه معلقاً به، وهذا هو الذي نص عليه الحديث: فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به.
فما لم يقع الانصراف عن الأمر فامض في ما عزمت عليه، ولا بأس بتكرار الاستخارة .
أما احتمال أن يكون سبب ذلك مس شيطاني أو سحر، وكيف يمكن ذلك في حين أنك تفوضين أمرك إلى الله، فالثقة بالله والتوكل عليه من أهم الأسباب للوقاية من الشيطان وأعوانه من السحرة وأمثالهم، فمن كان على الله متوكلاً وبه سبحانه مستعيذاً فليس للشيطان وأعوانه عليه سلطان ولا سبيل، قال الله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ {النحل: 98-100}.
فما دمت في كل أوقاتك وأحوالك صادقة في التوكل على الله تعالى فاحتمال كون ما تجدينه من الضيق سببه الشيطان أو السحر احتمال ضعيف لا يلتفت إليه، وأما إن لم تكوني على ما وصفنا، ويوجد عندك من أسباب تسلط الشيطان وأهمها الذنوب والمعاصي، فالاحتمال المذكور وارد، وهو لا يعدو عن كونه احتمال وظن.