شعر في وصف الفقر

حظي موضوع الفقر في الشعر القديم باهتمام واسع، حيث تناول العديد من الشعراء هذه القضية، إذ لا يخلو أي زمن أو مجتمع من وجود الفقراء. وتجدر الإشارة إلى أن كتابة الشعر عن الفقر لا تعني بالضرورة أن الشاعر يعاني من الفقر نفسه، بل قد يكون مجرد تعبير عن ظاهرة أثارت انتباهه. يُعتبر الفقر نقصًا في الإمكانيات والموارد لدى فئات معينة من الأفراد، وقد يكون ماديًا أو معنويًا أو من أنواع أخرى. في المقال التالي، سنستعرض معًا أبرز شعر في وصف الفقر ، ونتمنى أن تنال إعجابكم.

شعر في وصف الفقر
شعر في وصف الفقر

ومدَّتْ الأفكَارُ أظلالَهَا فلَمْ تَزَلْ شَاخِصةً في وجومْ
مَن أبصرَ استغراقَهَا خَالَها مَخبولة تَهيمُ فوقَ الغيومْ
كانتْ تُناجي مَا وَراء الفَضاء قوى القَضاء الغَامِضِ المُبهمِ:
مَن يُمطِرُ الرِّزقَ عَلى ذِي الثَّراءِ ويُمسكُ الرِّزقَ عَن المُعدَمِ؟
كَم بائسٍ، كَم جَائعٍ، كَم فَقير يَكدَحُ لا يَجني سِوى بؤسِه!
ومُترفٍ يَلهو بدُنيا الفُجورِ قَد حَصرَ الحَياة في كَأسِه!
ويقول الشَّاعر ليث صندوق:
لَسنَا بمَلائكةٍ…
ففُتوقُ الأسمالِ الرَّثةِ لَيسَ تُمكِّننا في الرِّيحِ مِن التَّحليق
نَحنُ الفُقراء “مُلوك الأبسِطة الصُّوفية”
تحتَ أوامِرِنا تَسعَى أفواجُ العّثِّ
ولَنا مِن عُريّ أضالعِنا أفرِشة، ولِحاف
بسطاء… فأعيننا كقَناني الخَمرِ شَفيفاتْ
وإذا دَعَستنا قَاطرة القَهرِ لا نَتجرّأ إلَّا نَسبَ النَّزفَ للسعِ بَعوض!.
كما يصف عبد العزيز جويدة حال الفقراء فيقول:
حَزينًا عِشْتُ يا أُمِّي على الفُقراءْ
تُبَلِّـلُ خُبزَها دَمعًا لِتأكُلَهُ صَباحَ مَساءْ
حَزينًا حِينَ ألمَحُهُمْ فَلا حُلمٌ بِأعيُنِهِم… ولا حَتَّى بَصيصُ رَجاءْ
فَهُمْ يَأتونَ للدُّنيا ويَمضونَ بلا أضواءْ
لِفرْطِ سُكونِهِم تَنسَى… تَظُنُّ بأنَّهم مَوتَى وهُمْ أحياءْ

هذا الوُجودُ مشانِقٌ نُصِبَت لَنا وَالظُلمُ في ساحاتِها السَفّاحُ
أو ما تَرى الفَلّاحَ بَعدَ جهادِهِ يَلقى الشَّقاءَ لِأَنَّهُ فَلّاحُ
فَكَأَنَّ إِكرامَ الفَقيرِ مُحَرَّمٌ وكأَنَّ إِكرامَ الغَنِيِّ مُباحُ
يا مَن طَلى بِدَمِ الفَقيرِ عُروشَه وَنَراهُ يَجلِسُ فَوقَها يَرتاحُ
هذي العُروضُ جَماجِمٌ مَرصوفَةٌ في جَوفِها تَتَمَرَّدُ الأَرواحُ
وهو ما يذهب إليه إيليا أبو ماضي في قوله:
كُلوا واشرَبوا أيُّها الأغنياء، وإنْ ملأ السِّككَ الجَائعون
ولا تَلبِسوا الخَزَّ إلَّا جَديداً وإنْ لَبسَ الخِرقَ البَائسون
وحوِّطوا قصورَكُمْ بالرِّجالِ، وحوِّطوا رِجالَكم بالحُصون
ويا فقراءُ لماذا التَّشكّي؟ ألا تَستَحون؟! ألا تَخجلون؟!
دَعوا الأغنياءَ ولذَّاتِهم فهُم مثل لذَّاتِهم زَائلون
سَيمسونَ في سَقر خَالدين وتُمسونَ في جنَّةٍ تَنعَمونْ
فلا تَعطشونَ، ولا تَسغَبونَ، ولا يَرتوون، ولا يَشبَعون
لَكُم وَحدكُم مَلكوتُ السَّماءِ فمَا بالكُم لَستُم تَقنَعون؟

شعر شعبي عن الفقر

على الرغم من تغير معايير الفقر في العصر الحديث واختلافها بين المجتمعات، إلا أن الفقر لا يزال يمثل وحشًا بأنياب كما كان دائمًا. لذا، أولى الشعراء اهتمامًا خاصًا لموضوع الفقر. فيما يلي بعض الأبيات الشعرية الشعبية التي تتناول هذا الموضوع :

وكــت اه يـا وكـت صـرنـة احـنـة اهـل الـعـوز
وصـرنـة اكـثـر بـلـد مـعـروف بـالـفـقـرة
طـفـل درسـة الـشـارع وامـتـحـن بـالـكـاع
بـالـجـدوة اخـذهـة الـعـشـرة مـن عـشـرة
وطـفـلـة اتـمـد اديـهـة فـدوة عـمـو شـبـيـك
ردت بـس ربـع مـنـك مـاردت حـمـرة
وهـوة بـلا كـلـب صـعـد الـجـامـة وراح
لا هـزتـة الـدمـعـه الـشـهـكـة والـحـسـرة
وابـوي الـكـافـح وعـاش بـقـيـم واخـلاق
هـذاكـوة بـتـقـاطـع مـنـكـسـر ضـهـرة
وشـوف الـكـارثـة بـأمـي الـكـتـلـهـة الـشـيـب
تـمـد ايـديـهـة لـلـمـايـسـوة نـظـرة
صـدك صـرنـة احـنـة هـيـج وصـدك ضـكـنـة الـعـوز
صـدك كـل امـهـاتـي كـلـوب مـنـكـسـرة
ويـنـك يـاعـلـي يـا مـلـجـء الأيـتـام
يـارب الـغـنـة و يـامـنـقـذ الـفـقـرة
تـعـال احـضـرنـة بـس ويـاك جـيـب الـسـيـف
تـعـال احـضـرنـة ذولـة الـكـتـلـوا الـزهـرة
ذولـة الـمـوتـوا اطـفـالـنـة مـن الـجـوع
وبـجـوا عـيـن امـي الـطـاهـرة الـحـرة
ذولـة الـحـرمـوا ابـنـي يـكـول دار ودور
ونـيـمـوه بـالـشـوارع والأرض جـمـرة
عـلـي بـيـنـة الـيـأس تـدري وصـل لـيـويـن
مـثـل اعـمـى ويـحـاول يـلـظـم الأبـرة
عـلـي تـكـدر جـنـت تـمـحـي الـفـقـر والـعـوز
بـس خـلـيـتـة حـتـى اتـوصـل الـفـكـرة
غـنـي يـسـاعـد فـقـيـر وكـلـهـة ايـد بـأيـد
عـلـي مـات الـفـقـير الـمـوتـاه صـبـرة
عـلـي كـلـشـي انـتـهـة مـاظـل مـحـبـة وطـيـب
اخـوي بـكـل ظـمـيـرة يـحـفـر الـحـفـرة
( لـو كـان الـفـقـر رجـلاً لـقـتـلـهُ )
الـفـكـر لـو زلـمـة هـسـة اطـفـالـنـة اتـفـجـرة

شعر عن مساعدة المحتاجين

ينظر الشعراء إلى الفقر من زوايا مختلفة. فبعضهم يتناول الفقر كظرف من ظروف الحياة، حيث قد يستيقظ الفقير ليجد فرص الثراء أمام بابه. بينما يعترف آخرون بشراسة الفقر، وهناك من يركز على كيفية التعامل مع المحتاجين. وفيما يلي أبرز الأبيات الشعرية التي تتحدث عن مساعدة المحتاجين :

قال أحمد شوقي:
ورب حديث خير هاج خيرا ** وذكر شجاعة بعث الشجاعا
ومن يتجرع الالام حيا ** تسغ عند الممات له اجتراعا

وقال أيضًا:
لا ينفع الميت سوى صالحة مدخره
قد ترفع السوقة عند الله فوق القيصره
وكل نفس في غد ميتة فمنشره
وإنه من يعمل الخير أو الشر يره
من لا يصيب فالناس لا يلتمسون المعذرة

قال أبو العتاهية:
ذهب الحرص بأصحاب الدلج ** فهم في غمرة ذات لجج
ليس كل الخير يأتي عاجلا ** إنما الخير حظوظ ودرج
لا يزال المرء ما عاش له ** حاجة في الصدر دأبا تختلج
رب أمر قد تضايقت به ** ثم يأتي الله منه بالفرج

وقال أيضًا:
خير أيام الفتى يوم نفع ** واصطناع الخير أبقى ما صنع
ونظير المرء، في معروفه ** شافع بت إليه فشفع
ما ينال الخير بالشر ولا ** يحصد الزارع إلا ما زرع

وقال أيضًا:
أخي ما نحن من حزم على ثقة ** حتى نكون إلى الخيرات نستبق

وقال أيضًا:
يا أخي والذخر في الدنيا أخ ** حاضر الخير على الخير أعانا
وإذا الدنيا خلت من خير ** وخلت من شاكر هانت هوانا

وقال أبو العلاء المعري:
ما الخير صوم يذوب الصائمون له ** ولا صلاة ولا صوف على الجسد
وإنما هو ترك الشر مطرحا ** ونفضك الصدر من غل ومن حسد
ما دامت الوحش والأنعام خائفة ** فرسا فما صح أمر النسك للأسد

وقال أيضًا:
خير وشر وليل بعده وضح ** والناس في الدهر مثل الدهر قسمان
واللب حارب تركيبا يجاهده ** فالعقل والطبع حتى الموت خصمان

وقال أيضًا:
كن صاحب الخير تنويه وتفعله ** مع الأنام على أن لا يدينوكا
إذا طلبت نداهم صرت ضدهم ** وإن ترد منهم عزا يهينوكا
فعش بنفسك فالإخوان أكثرهم ** إلا يشينوك يوما لا يزينوكا
وكم أعانك ناس ما استعنت بهم ** أو استعنت بقوم لم يعينوكا

وقال أيضًا:
أعوذ بالله من قوم إذا سمعوا ** خيرا أسروه أو شرا أذاعوه
مالي رأيت دعاة الغي ناطقة ** والرشد يصمت خوف القتل داعوه

شعر بدوي عن الفقر

قد يبدو الأمر غريباً إذا تأملنا فيه قليلاً: لماذا قد يفتخر الفقير بفقره؟ وكيف يمكنه مواجهة من يسعى لنفي العار أو الذل عنه؟ وما الذي يجعل الفقر مصدراً للفخر والاعتزاز؟ إليكم فيما يلي قصيدة بدوية تتناول موضوع الفقر :

الصيف راح وزمهرير الشتـا حـلّ
وانا فقيـرة حـال وَاهْلِـي فَقَـارَا
ياشاعري عن مَطْلَبِي لَلْبَشَـرْ : قِـلّ
صيتـه تِبِيْ،مِعْطَفْ:هنـادي،وِيَـارا
لو يوم واحد بَدْفِـنْ الفقـر وَافِـلّ
هذا الْحِجَاجْ اللـي كسـاه الغبـارا
وأدَوْس باقدامي على فَرْشَـة الـزّل
لو نصف يوم أهْجُرْ حيـاة الطُفَـارا
هذا الفقر مَـا كَـلّ مِنَـا وَلاَ مَـلّ
ولَـهْ سطـوةٍ جبّـارةٍ مَـا تُجَـارَا
بيِدْيه سَلّ الحـال ياشاعـري سَـلّ
ولبّـس عيونـي ليـل مالـه نهـارا
كم قِلْت لَهْ دِخِيْل رَبْ السما :حِـلّ
عنّا، وكـم صَيَّحْت،فيهـا جِهَـارا
وكم قِلْت لَهْ :فارق: عَنْ ارْوَاحَنَا :وَلّ
ويِقْبِـلْ عـدوٍّ مـن عـدوّه تثـارا
يا شاعري مِنْ تَلّـة اوْجَاعَنَـا طُـلّ
ومِدّ الْبَصَرْ دَاخِـلْ وِجِيْـه الْحيـارا
تلقى بِنَا : أعمى :وأطـرم :وِمِنْشَـلّ
وتلقى الأسَى يَسْكِنْ عيون الصغـارا
و تِلْقَى هَيَاكِلْ: نَا حِلَهْ مَا لَهَا ظِـلّ
عَنْهَا يطيـح مـن النحـول الأِزَارَا
تشرب قَهَرْ :والقـوت بَحْلَوْقَهَـا ذِلّ
ورغم الفقر تلبـس عبـاة الوقـارا
ومع كُلْ طَلْعَةْ شَمْس،تِنْدَاسْ:تِنْـذَلّ
والدين وصّى لاَ ضَـرَرْ: لاَ ضِـراراَ
مَامَرُّهُـمْ دِيْـم الْرَفَاهِيّـه وبَــلّ
ظُمَى الكبود إنْ كَانْ بَـلّ الصحـارا
حِنّا: وَطَنْ والفقر غـازي ومُحْتَـلّ
والْعِرْض عن عيـن الرذيلـه تِـوَارَا
نَعْرِفْ طريق المال ونشـوف وَنْـدِلّ
بس الثمن خُـزْي :وفضيحه:وعـارا
ونَخَافْ ثوب الْطُهرْ في يـوم يُبْتَـلّ
الفقـر كافـر :والمصايـب كبـارا
تِتِلّنِـا يُمْنـي الْفَقُـرْ للخطـا تَـلّ
بالنفس كسـر وبالعيـون انكسـارا
لو تصفع العابد يديـن الفقـر ضَـلّ
وصارت له قبـور الخطايـا مـزارا
ياشاعري سَوْلَفْت لك :جُزْء مِنْ كُلّ
عن فَقُرْ عَذْرا :كَمْ وَرَاهَـا عَـذَارا

وذولا يبيعـون المزايـيـن والْـبِـلّ
سَكْـرَةْ زَمَـنْ وِلاّ الأوادم سُكَـارا
ناَظِرْ عيونـي مَابَهَـا مَاطْـر ٍ هَـلّ
جفّـت سَحَايِبْهَـا بليـل السهـارا
وتبقى قضية فَقْرَنَـا مَـا لَهَـا حَـلّ
يَا شَاعِري مَا تْـت قُلـوب الغيـارا
ورَاحَتْ وانَا اقْول الْفَقُرْ شَخْص مُنْحَلّ
أبغـى أَدَارِيْهَـا وهِـيْ مَـا تُـدَارَا
أخاف اصَرّح ثُمْ عَلى راسـي اتْهِـلّ
سُحْب المصائب من يميـن ويسـارا
بَسْكِتْ وَبَبْلَعْهَا مِثِـلْ كَاتِـمْ الْغِـلّ
وأقـول ياربـي تعيـن الفـقـارا
وسلام :يا نَرْجِسْ: وِكَادِي :وِِيَا فُـلّ
وسلام يَا كِذْبَـة غِنَـى وازْدِهَـارا