شعر في وصف الكون
يعكس ثراء الشعر العربي في تناول الظواهر الفلكية معرفة عميقة مستندة إلى الملاحظة والتجربة. وقد أبدع الشعراء في تصوير القمر والشمس، بالإضافة إلى أبراج الدلو والعقرب والحوت والجدي والجوزاء، فضلاً عن كواكب المشتري وزحل ونجوم الفرقد وبنات نعش والثريا وغيرها ، ومن بين أبيات شعر في وصف الكون :
قِرانُ المُشتَّري زُحَلاً يُرَجّى
لِإيقاظِ النَواظِرِ مِن كَراها
وَهَيهاتَ البَريَّةُ في ضِلالٍ
وَقَد فَطَنَ اللَبيبُ لِما اعتَراها
وَكَم رَأَتِ الفَراقِدُ وَالثُرَيّا
قَبائِلَ ثُمَّ أَضحَت في ثَراها
تَقَضّى الناسُ جيلاً بَعدَ جيل
وَخُلِّفَتِ النُجومُ كَما تَراها
كُلُّ الأمور ِ إلى الرحمن يُبْديها
في اللوح محفوظة ٌمن قبِْلُ يَقضيها
ما نعـمة ٌ فـيك إلا اللهُ واهـبُهـا
وأنـْعُمُ الله مَنْ في الكون يُحصيها ؟
مَنْ مَرَّ عن نِعَمِ الرحمن مُنْشغلاً ً
فسوف يفقدها يوماً ويَبْـكـيها
ومـن يَـمـرُّ عـلـيـهـا شـاكـراً أبداً
سـيـشـكر الله ذا شـُكْـرٍ ويُبْقيها
جئتَ الحياةَ وهذي نعمة عَظُمَتْ
ما كنتَ شيئا كذا الأجساد يحييها
أنظر لنفسك كم في الخلق من عجب ٍ
لا تـعـجـبنَّ فـإن الله باريها
كم من جهاز وأعضاء بها شمختْ
وكم تَخَصصَ في طبٍّ يداويها
في خـلـقـه فـكـّروا كي تبلغوا أرَباً
ولـيـس في ذاتـه قد جلَّ تشبيها
العينُ مـعـجـزة سـبـحـان خالـقـها
هلا اعـتـبرْتـُم بأسرارٍ له فيها
لـكنَّ شـاعـرَنـا مـا كـان معـتبرا
فنعمة العين للمحـبوب يهديها
أمضى الحياة بعين ِ العشق ِ منبهرا
يـُثني عليها وعينُ الذكر اُنـْسيها
وانظر إلى العقلِ من آتاك جوهرة ً
بـه بـلـغـتَ مـن الآفاقِ قاصيها
أرقى العلوم بفضل العقل قد كـُشفتْ
واعلمْ حضارتنا فالعقل راعيها
كـيـف الـحياة وكـنـز الـعـقل تفقـده
من ذا يسوسُك كي ترقى أمانيها
هـذا هـو العـقل فـاحـمد من حباك به
لولاه كـنـت كـأنـعام تـؤاخـيـها
انـظر جـبـالا الـى الجوزاء قد بلغت
من كان يَقدرُ دون الله يُرْسيها
تــلــك الــريـاح فـمن تـلــقاه أرسلها
إمـا لـتـُنـْذرَ أو بـشـرى لأهـليها
اسأل عن الأرض مَنْ في الجو يحملها
وارقبْ سماء كسقف كيف بانيها
مَـنْ لـلكواكـب طـول الـدهر يوقدها
ومـن يُـنـَظـِّمُها سـيـرا ويـُجريها
السيف أصدق إنباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف
في متونهن جلاء الشك والريب
والعلم في شهب الأرماح لامعة
بين الخميسين لا في السبعة الشهب
وخوفوا الناس من دهياء مظلمة
إذا بدا الكوكب الـغربي ذو الذنب
وصيروا الأبراج العليا مرتبة
ما كان منقلبا أو غير منقلب
شعر عن الطبيعة للمتنبي
فيما يلي بعض ما أبدعه شعراء، ومن بينهم المتنبي، في وصف الطبيعة، حيث تناولوا جمالها وأثرها في الحياة والأدب ومن بين هذه الأبيات ، نجد القصيدة التالية :
أنا حرٌّ هذي البلاد بلادي
أرتجي عزّها لأحيا وأغنم
لست أدعو إلاّ لخير بلادي فهي
نوري إذا دجى البؤس خيّم
إنّما الخير في المدارس يرجى
فهي للمجد والمفاخر سلّم
وحّدوها وعمّموا العلم فيها
فدواء البلاد علمٌ معمّم
إنّ من يبذل النّقود عظيمٌ
والّذي ينشر المعارف أعظم
لا أباهي بما أنا اليوم فيه
نائباً يجبه الخطوب ويقحم
إِذا عظَّمَ البلادَ بنوها
أنزلتهمْ منازلَ الإِجلالِ
توَّجتْ مهامَهمْ كما توجوها
بكريمٍ من الثناءِ وغالِ
مَغَاني الشِّعْبِ طِيباً في المَغَاني
بمَنْزِلَةِ الرّبيعِ منَ الزّمَانِ
وَلَكِنّ الفَتى العَرَبيّ فِيهَا
غَرِيبُ الوَجْهِ وَاليَدِ وَاللّسَانِ
مَلاعِبُ جِنّةٍ لَوْ سَارَ فِيهَا
سُلَيْمَانٌ لَسَارَ بتَرْجُمَانِ
طَبَتْ فُرْسَانَنَا وَالخَيلَ حتى
خَشِيتُ وَإنْ كَرُمنَ من الحِرَانِ
غَدَوْنَا تَنْفُضُ الأغْصَانُ فيهَا
على أعْرافِهَا مِثْلَ الجُمَانِ
فسِرْتُ وَقَدْ حَجَبنَ الحَرّ عني
وَجِئْنَ منَ الضّيَاءِ بمَا كَفَاني
وَألْقَى الشّرْقُ مِنْهَا في ثِيَابي
دَنَانِيراً تَفِرّ مِنَ البَنَانِ
لهَا ثَمَرٌ تُشِيرُ إلَيْكَ مِنْهُ
بأشْرِبَةٍ وَقَفْنَ بِلا أوَانِ
وَأمْوَاهٌ تَصِلّ بهَا حَصَاهَا
صَليلَ الحَلْيِ في أيدي الغَوَاني
إذا غَنّى الحَمَامُ الوُرْقُ فيهَا
أجَابَتْهُ أغَانيُّ القِيانِ
وَمَنْ بالشِّعْبِ أحْوَجُ مِنْ حَمامٍ
إذا غَنّى وَنَاحَ إلى البَيَانِ
وَقَدْ يَتَقَارَبُ الوَصْفانِ جِدّاً
وَمَوْصُوفَاهُمَا مُتَبَاعِدانِ
بَعَيشِكَ هَل تَدري أَهوجُ الجَنائِبِ
تَخُبُّ بِرَحلي أَم ظُهورُ النَجائِبِ
فَما لُحتُ في أولى المَشارِقِ كَوكَبًا
فَأَشرَقتُ حَتّى جِئتُ أُخرى المَغارِبِ
وَحيدًا تَهاداني الفَيافي فَأَجتَلي
وَجوهَ المَنايا في قِناعِ الغَياهِبِ
وَلا جارَ إِلّا مِن حُسامٍ مُصَمَّمٍ
وَلا دارَ إِلّا في قُتودِ الرَكائِبِ
وَلا أُنسَ إِلّا أَن أُضاحِكَ ساعَةً
ثُغورَ الأَماني في وُجوهِ المَطالِبِ
وَلَيلٍ إِذا ماقُلتُ قَد بادَ فَاِنقَضى
تَكَشَّفَ عَن وَعدٍ مِنَ الظَنِّ كاذِبِ
سَحَبتُ الدَياجي فيهِ سودَ ذَوائِبٍ
لِأَعتَنِقَ الآمالَ بيضَ تَرائِبِ
فَمَزَّقتُ جَيبَ اللَيلِ عَن شَخصِ أَطلَسٍ
تَطَلَّعَ وَضّاحَ المَضاحِكِ قاطِبِ
رَأَيتُ بِهِ قِطعًا مِنَ الفَجرِ أَغبَشًا
تَأَمَّلَ عَن نَجمٍ تَوَقَّدَ ثاقِبِ
وَأَرعَنَ طَمّاحِ الذُؤابَةِ باذِخٍ
يُطاوِلُ أَعنانَ السَماءِ بِغارِبِ
يَسُدُّ مَهَبَّ الريحِ عَن كُلِّ وُجهَةٍ
وَيَزحَمُ لَيلًا شُهبَهُ بِالمَناكِبِ
وَقورٍ عَلى ظَهرِ الفَلاةِ كَأَنّهُ
طِوالَ اللَيالي مُفَكِّرٌ في العَواقِبِ
يَلوثُ عَلَيهِ الغَيمُ سودَ عَمائِمٍ
لَها مِن وَميضِ البَرقِ حُمرُ ذَوائِبِ
أَصَختُ إِلَيهِ وَهوَ أَخرَسُ صامِتٌ
فَحَدَّثَني لَيلُ السُرى بِالعَجائِبِ
وَقالَ أَلا كَم كُنتُ مَلجَأَ قاتِلٍ
وَمَوطِنَ أَوّاهٍ تَبَتَّلَ تائِبِ
وَكَم مَرَّ بي مِن مُدلِجٍ وَمُؤَوِّبٍ
وَقالَ بِظِلّي مِن مَطِيٍّ وَراكِبِ
وَلاطَمَ مِن نُكبِ الرِياحِ مَعاطِفي
وَزاحَمَ مِن خُضرِ البِحارِ غَوارِبي
فَما كانَ إِلّا أَن طَوَتهُم يَدُ الرَدى
وَطارَت بِهِم ريحُ النَوى وَالنَوائِبِ
فَما خَفقُ أَيكي غَيرَ رَجفَةِ أَضلُعٍ
وَلا نَوحُ وُرقي غَيرَ صَرخَةِ نادِبِ
وَما غَيَّضَ السُلوانَ دَمعي وَإِنَّما
نَزَفتُ دُموعي في فِراقِ الصَواحِبِ
فَحَتّى مَتى أَبقى وَيَظعَنُ صاحِبٌ
أُوَدِّعُ مِنهُ راحِلًا غَيرَ آيِبِ
وَحَتّى مَتى أَرعى الكَواكِبَ ساهِرًا
فَمِن طالِعٍ أُخرى اللَيالي وَغارِبِ
فَرُحماكَ يا مَولايَ دِعوَةَ ضارِعٍ
يَمُدُّ إِلى نُعماكَ راحَةَ راغِبِ
فَأَسمَعَني مِن وَعظِهِ كُلَّ عِبرَةٍ
يُتَرجِمُها عَنهُ لِسانُ التَجارِبِ
فَسَلّى بِما أَبكى وَسَرّى بِما شَجا
وَكانَ عَلى عَهدِ السُرى خَيرَ صاحِبِ
وَقُلتُ وَقَد نَكَّبتُ عَنهُ لِطِيَّةٍ
سَلامٌ فَإِنّا مِن مُقيمٍ وَذاهِبِ
شعر عن الأرض الخضراء
إليكم أجمل أبيات شعر عن الأرض الخضراء ، تلك الطبيعة الرائعة. قف بنا يا ساري، لأريك عظمة خلق الله.
الارض حولك والسماء اهتزَتا
لروائــــــع الآيـــــــات والآثارِ
من كل ناطقة الجلال كانَها
امُ الكتاب على لسان القاري
دلَت على ملــــــك الملوك
فلم تدع لادلة الفقهاءِ والاحبارِ
من شكَ فيهِ فنظرةٌ في صنعهِ
تمحــــو اثيم الشك والانكارِ
كشف الغطاء عن الطرولِ
واشرقت منه الطبيعة غير ذات ستارِ
شبَهتها بلقيس فوق سريرِها
في نضرة ومواكب وجواري
او بابنِ داود وواســــــعِ ملكِهِ
ومعالـــــم للعـــــزِ فيهِ كبارِ
هوج الرياحِ خواشعٌ في بابهِ
والطير فيهِ نواكـــــــس المنقارِ
أقبـــــل الصبح يغني للحيـــــاة الناعسة
والربى تحلم في ظل الغصــون المائسة
والصّبا ترقص أوراق الزهــور اليابســـــــة
وتهادى النـور في تلك الفجاج الدامسـة
أقبل الصبح جميلًا يمــــلأ الأفق بهـــــاه
فتمطى الزهر والطير، وأمــــــواج الميـاه
قد أفـاق العـالم الحي، وغنى للحيــــاه
فأفيقـي يا خـــرافي، وهلــمي يا شيـاه
واتبعيني يا شياهي, بين أسـراب الطيور
امـلئي الوادي ثغـــــاءًا، ومراحًا وحبـــــور
واسمعي همس السواقي، وانشقي عطر الزهور
وانظري الوادي، يغشـيه الضباب المستنير
واقطفي من كلأ الأرض ومرعاهــــــا الجديد
واســمعي شّــبابتي، بمعســـول النشـــيد
نغــم يصــعد من قلبي، كأنفـــــــــاس الورود
ثم يســمو طائرًا، كالبلبل الشادي السـعيد
وإذا جئنا إلى الغـاب، وغطــــانا الشـــــــجر
فاقطفي ما شئت من عشب، وزهــر وثمـر
أرضعته الشــمس بالضوء، وغــــــذاه القمـر
وارتوى من قطرات الطل، في وقت السـحر
وامرحــي ما شئت في الوديــان، أو فـوق التـلال
واربضي في ظلهـــا الوارف، إن خــفت الكــــــلال
وامضغي الأعشاب، والأفكار في صمت الظـــــلال
واسمعي الريـح تغـــني، في شـــماريخ الجبـــال
إن في الغاب أزاهيرًا، وأعشــابًا عــــــــــذاب
ينشــد النحــــل حواليها، أهازيجـًـا طـــــراب
لم تدنس عطــــرها الطـاهر أنفــاس الذئـاب
لا، ولا طاف بها الثعلبُ في بعض الصــــحاب
وشـذًا حلـوًا، وسحرًا وسـلامًا، وظــــــــلال
ونسـيما سـاحر الخطـوة، موفـور الـــــــدلال
وغصونًا يرقص النـور عليها، والجمــــــــــــال
واخضرارًا أبديًا، ليس تمحــــوه الليـــــــــــال
لن تملي يا خرافي، في حمى الغاب الظليل
فزمان الغـــاب طفـــلٌ لاعـــب عذب جمــــيل
وزمـــــان الناس شــــيخ عابسُ الوجه ثقــيل
يتمشى في مـلال فــــوق هاتيــك السـهول
لك في الغابات مرعـــاك ومســــعاك الجميل
ولي الإنشــــاد والعـــزف إلى وقت الأصـيــل
فإذا طالت ظـــلال الكـــلأ الغـــض الضــئيـــل
فهلمي نرجـــع المسـعى إلى الحي النبيـل
شعر عن جمال الكون
جمال الكون الذي يحيط بنا يؤثر في نفوسنا، فالعين تميل إلى الجمال. وقد تغنى العديد من الشعراء بروعة الكون وإبداع الخالق الرحيم ، ومن بين أبيات شعر عن جمال الكون ، نجد ما يلي :
قفي بين الخمائل يا فتاتي
لأسمعك الدروس الباقيات
فهذا الكون سفر قد تجلت
به أسمى المعاني الرائعات
فما مثل الطبيعة يا فتاتي
ففي صفحاتها معنى الحياة
هنالك بلبل الغابات يشدو
على أفنانه هجزا طروبا
يحلق صادحا في الأفق
ولا يخشى العواصف والخطوبا
فكوني كالبلابل يا فتاتي
ففي نغماتها معنى الحياة
هناك الماء بين الروض يجري
طليقا لا يمل من الخرير
يصفق تارة ويئن أخرى
ويقصد شاطئ البحر الكبير
فكوني كالجداول يا فتاتي
ففي أصواتها معنى الحياة
هناك الزهر يفترّ ابتساما
ويكسوه الندى عقدا عجيبا
تصادمه الرياح فلا يبالي
وينشر في الورى أرجا وطيبا
فكوني كالأزاهر يا فتاتي
ففي نفحاتها معنى الحياة
أرى أيامنا تأتي وتمضي
كنغمة طائر وخرير ماء
ولا يبقى سوى ذكر جميل
يفوح شذاه في هذا البقاء
ففي أجسامنا معنى فناء
وفي أرواحنا معنى الحياة