شعر وصف الخمر

تعتبر تجربة الخمر في الثقافة العربية من التجارب البارزة التي لا يمكن تجاهلها. لذا، لجأ الكثيرون إلى تأليف معاجم تتعلق بها بهدف التأصيل وبناء مرجعية للمعاني والمجازات المرتبطة بالخمر، وما تحمله من طاقة شعرية وجمالية وروحية. كما تم التركيز على استكشاف ألفاظها ومعانيها. في السطور التالية، نقدم لكم بعض نماذج من شعر وصف الخمر ، فتابعونا.

شعر وصف الخمر
شعر وصف الخمر

وخمار حططت إليه ليــــــــــلا..
قلائص قد ونين من السفـــار
فجمجم والكرى فى مقلتيـــــــــه..
كمخمور شكا ألم الخمـــــــار
أبن لى كيف صرت إلى حريمـــى..
ونجم الليل مكتحل بقـــــــار؟
فقلت له ترفق بى فإنــــــــــــى..
رأيت الصبح من خلل الدـيار
فكان جوابه أن قال صبـــــــــح!..
ولا صبح سوى ضوء العقــــار
وقام إلى العقار فسد فاهـــــــــــا..
فعاد الليل مســــــــود الإزار
فحل بزالها فى قعر كــــــــــأس..
محفرة الجوانب والقــــــــرار
مصورة بصورة جند كســــــــرى..
وكسرى فى قرار الطرجهـــــار
وجل الجند تحت ركاب كسرى..
بأعمدة، وأقبية قصـــــــــــار

يشرب بنت الكرم بعض الناس
لكربة في النفس أو وسواس
وبعضهم لأنه قد ظفرا …..
وبعضهم لأنه قد خسرا
وبعضهم لأنهفي فرح …..
وبعضهم لأنه في ترح
وبعضهم كي يتردّ الأمسا …..
وبعضهم يجرعها كي ينسى
وبعضهم ليستفيد قوّة …..
وبعضهم لسورة الفتوّة
وبعضهم كيما يحلّ مشكله …..
وبعضهم لأنه لا شغل له
وبعضهم عن رغبة وعن هوى …..
وبعضهم لعلّه يرضي السّوى
وبعضهم من حبّه للبائع …..
وبعضهم نكاية للمانع
وبعضهم يشربها أحيانا …..
وبعضهم في أيّ وقت كانا
وبعضهم مع صحبة في الدار
وبعضهم في حانة الخمّار
وبعضهم مع زمرة الندمان
وبعضهم في وحدة الرهبان
وبعضهم في الصيف ذي الرمضاء
وبعضهم في زنم الشتاء
وبعضهم عند انجياب الظلمه
وبعضهم عند طلوع النجمه
وبعضهم يذمّها استهجانا
وبعضهم يمدّحها استحسانا
لكنّهم كلّهم يحسوها
ألمادحوها والمقبّحوها
فما وجدت في زماني رجلا
وقلت: هل تحبّها ؟ فقال: لا
وسرّ هذا أنها كالدنيا
تؤذي ولكت مع أذاها تهوى

قصيدة أبو نواس في وصف الخمر

كان أبو نواس يعبّر عما يراه بعينيه باستخدام الألفاظ المناسبة، ويغلفه بالبلاغة وجمال المعاني. كان يتقن التشبيه والتعبير في وصف الخمرة، وله العديد من القصائد في هذا الموضوع، ومنها القصيدة التالية.

غننا بالطلول كيف بلينا
واسقنا نعطك الجزاء الثمينا
من سلاف كأنها كل شيء
يتمنى مخير أن يكونا
أكل الدهر ما تجسم منها
وتبقى لنا بها المكنونا
فإذا ما اجتليتها فهباء
تمنع الكف ما تبيح العيونا
ثم شجت فاستضحكت عن لآل
تمنع الكف ما تبيح العيونا
في كئوس كأنهن نجوم
جاريات، بروجها أيدينا
طالعات مع السقاة علينا
فإذا ما غربن يغربن فينا
لو ترى الشرب حولها من بعيد
قلت قوم من قرة يصطلونا

وصف الخمر في الشعر الجاهلي

الميزة الرئيسية في الشعر الخمري لدى الشعراء الجاهليين هي أنهم لم يعتبروا الخمر فناً مستقلاً مثلما فعلوا مع المدح والهجاء والفخر والحماسة. كما يشير الدكتور طه حسين، حيث يقول: “لم يكن من الممكن أن يُعتبر وصف الخمر في ذلك العصر فناً قائماً بذاته يُقصد به بشكل منفصل.”

ولقد شربتُ الخمرَ في حانوتها،
يـسـعى عليَّ بكأسها متنطفٌ،
إنّ الّـتـي نَـاوَلْـتَني فَرَدَدْتُها
كِـلْتاهُما حَلَبُ العَصيرِ فَعَاطِني
بِزُجاجَة ٍ رَقَصَتْ بما في قَعْرِها،
صـهباءَ، صافية ً، كطعمِ الفلفلِ
فـيـعـلني منها، ولوْ لم أنهلِ
قُـتِـلَتْ، قُتِلْتَ، فهاتِها لم تُقتَلِ
بِـزُجـاجَة ٍ أرْخاهُما للمِفْصَلِ
رَقَصَ القَلوصِ براكبٍ مُستعجِلِ

وأمّا الخمرُ، فهي تزيلُ عقلاً،
ولـو ناجتكَ أقداحُ النّدامى،
تـذيـعُ السرّ من حُرٍّ وعَبدٍ،
وينفضُ إلفُها الرّاحاتِ، حتّى
وزيّـنـت القبيحَ، فباشرَتْهُ
ويـشرَبُها، فيقلِسُها، غويٌّ؛
ويـرفعُ شَربُها لغطاً بجهلٍ؛
فـتـحتَ به مَغالِقَ مُبهَمات
عـدَت عن حَملها متندِّمات
وتُعربُ عن كنائز مُعجَمات
تـعودَ من النّفائس مُعدمات
نـفـوسٌ كُنّ عنه مُخزَّمات
لـقد شامَ الخفيَّ من الشِّمات
كـأسـرابٍ وَرَدْنَ مُسدَّمات

يا غلامُ ، الـمُدامَ والكاسَ ، والطّا
أطلِقْ الشمسَ من غَياهِبِ هذا الدَّ
وأذنِ الـصُّـبْـحَ أنْ يَلُوحَ لعَيْنِي
وادْعُ نَـدمـانَ خَلوتي وائتِناسي
واسـقِـنـا يـا غُلامُ حتّى تَرانا
خَـمـرةً قـيـلَ إنّهم عصَرُوها
مُـذْ رآهـا فَـتَـى العَزِيزِ مَناماً
أعْـقَـبَتْهُ الخَلاصَ مِنْ بَعْدِ ضيقٍ
سَ ، وهَـيِّءْ لَـنـا مَكاناً كأَمْسِ
نِّ وامَـلأ مـن ذلك النُّورِ كأسي
مـن سَـناها فذاكَ وَقتُ التَّحَسِّي
وتَـعَـجَّلْ واسْبِلْ سُتُورَ الدِّمَقْسِ
لا نُـطِـيـقُ الـكَلامَ إلاّ بهَمْسِ
مـن خُدودِ المِلاحِ في يَومِ عُرسِ
وهـو فـي السِّجْنِ بَيْنَ هَمٍّ ويَأْسِ
وحَـبَـتْـهُ السُّعودَ من بَعدِ نَحسِ

وصف الخمر في العصر العباسي

تظهر قصائد الخمريات في العصر العباسي تطوراً وثراءً في الثقافة، حيث ازدهرت ثروة الشعراء وتنوعت خيالاتهم. كان الشعراء يركزون على تصوير الألوان والمذاقات والأواني المرتبطة بالخمر، بالإضافة إلى الأجواء التي تُحتسى فيها. فيما يلي بعض الأبيات التي تصف الخمر في هذا العصر.

اجــعلوا إن مِــتُّ يوما كـــفني
ورق الكــرم وقبـــري معــصرَه
وادفنوني وادفنوا الرَّاحَ معي
واجعلوا الأقداحَ حول المقبرَه
إنني أرجـو من الـــله غــــــدا
بعدّ شُربِ الراحِ حُسنَ المغفرَه

ولقد شربتُ الخمر من حانوتها
صهباءَ صافية لطعم الفلفلِ
يسعى علىَّ بكأسها متَنّطِفٌ
فيَعِلُّني منها، ولو لم أنْهَلِ
إنّ التي ناوَلتَنى فرددتُها
قُتِلتْ – قُتِلْتَ – فهاتها لم تَقُتَلِ
كلتاهما حلبُ العصير، فعاطني
بزُجاجةٍ أرخاهُما لِلمفصَلِ
بِزُجاجةٍ رقصتْ بما في قعرها
رَقصَ القَلوصِ براكبٍ مستعجلِ

إنـــــما العـــــيشُ فَـــتاةٌ غادةٌ
وقُعُــــودي عـــــاكفا فـــي بيتِ حَانِ
أشربُ الخمرَ وأعصي مَن نهى
عن طِلابِ الرَّاحِ والبِيضِ الحِسانِ
فـــي حـــياتي لـــــــذّةٌ ألهُـــــو بها
فــــإذا مَتُّ فقـــد أوْدَى زمـــــانِي

شربنا فمِتنا ميتةً جاهلية
مَضى أهلُها لم يعرفوا ما محمُّد
ثلاثة أيّامٍ، فلمّا تنبّهتْ
حُشاشاتُ أنفاسٍ أتتنا ترَدَّدُ
وقلنا لساقينا: عليكَ فَعُد بنا
إلى مثلها بالأمس فالعَودُ أحمدُ!
فجاءَ بها كأنّما في إنائه
بها الكوكبُ المرّيخُ، تصفُو وتُزبَدُ
تفوحُ بماءٍ يشبهُ الطيبَ طيبُه
إذا ما تعاطتْ كأسها مِن يدٍ يدُ
تُميتُ وتُحيي بعد مَوتٍ، وموتُها
لذيذٌ، ومحياها ألذُّ وأحمد