محتويات المقال
فوائد الآية وَاقْصِدْ في مشيك
الآية “وَاقْصِدْ في مشيك” ترتبط بمسألة الإعجاز التشريعي، حيث تتعلق بمكارم الأخلاق. وفيما يلي بعض فوائد الآية وَاقْصِدْ في مشيك والتي تعكس مكارم الأخلاق المتضمنة فيها :

- مِن فَوائِدها أيضا أن يقال: إِذَا كان هذا في الـمشي الحسي فليكن كذلك في الـمشي الـمعنوي من الآداب والأخلَاق لا ينبغي للإنسان أن يسرِعَ سرعة مخلة ولا أن يَتَباطَأ تَباطؤا مفَوتا للمقصود، أما الإِسراَع إلى الخير فقد أَمر الله به ولكنه لا يتجَاوز الحد، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إِذَا سَمِعْتُم الإِقَامَة فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاة وَعَلَيْكُم السَّكِينَة والوَقَار ولا تُسْرِعُوا ).
- ومِن فوائد الآية الكريمة ذَمُّ أَصْوَات الحَمِير، لِقولِه: (( إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ))، وهل يُؤْخَذ مِنها أنَّ لِلجَارِ أنْ يُطَالِبَ جَارَهُ إذا كان عِنْدَه حَمَارٌ نَهَّاقً بِبَيْعِهِ وَإِزَالَتِهِ ولَّا لا؟ أي نعم، لَه أن يُطَالِب بذلك إذا كان نهيقُه غَير مُعْتَادٍ، لأن بَعْض الحَمِير كَثِير النَّهِيق فعلى هذا له أنْ يُطَالِب، مثل ما قَالَ الفقهاء رحِمَهم الله: إنَّ له أنْ يمنَعَه مِن الرَّحَى التي يَطْحَنُ بها دائمًا وكذلك مِن تغْسِيل الثِّيَاب وبثِّها دائمًا، كُلُّ ما يُؤْذِي الجَار فلِجَارِه أنْ يَمْنَعَه مِنْه، فإذا كَان الله قد وَصَفَ النَّهِيق بأنه أنْكَرُ الأصْوَات فإنَّه له أن يُطَالِب فيَقُول: بِعْ هذا الحِمَار وإلَّا اجْعَلْه في مَحَلٍّ آخَر حتى لا أَتَأَذَّى بِه، نعم.
- ويستفاد مِن الآية الكرِيمة أن رفع الصوت في غيرِ مَحَله محرم، لِقولِه: (( إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ فإنَّ هذا التشبيه يَقْتَضِي التَّنْفِيرَ مِنه، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْء).
- قال تعالى: (( وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضُ مِن صَوْتِك )) يُسْتفاد مِن هذه الآيَة الكريمة أنَّه ينبغي لِلإنسَان أن يكونَ مَشْيُه قَصدًا لا إِسْراعًا مُخِلًّا ولا دَبِيبًا مُتَبَاطِئًا، فالإِسْرَاع اللِّي فِيه التَهُّور والعَجَلَة والطَّيْش مَذْمُوم، والتَبَاطُؤ والدَّبِيب أيضًا مَذْمُوم. فيُستفَاد منه أنه ينبغي أن يكُون الإنسانُ في مَشْيِه قَصْدًا بيْنَ الإِسْراَع والتَبَاطُؤ.
- وَيُسْتَفَاد مِن الآيَة الكَرِيمَة أيضًا أنَّه ينْبَغِي للإِنسَان أنْ يَغُضَّ مِن صوتِه، لقولِه: (( وَاغْضُضْ مِن صَوتِك ))، وذَكَرْنَا أَمْس أنه يَشْمَل الكَمِّيَّة والكَيْفِيَّة فإنَّه في بَعْضِ الأحْيَان يَنبغِي رَفْعُ الصَّوت كما في الأَذَان والخُطْبَة ومَا أشْبَهَها.
ما معنى اقْصِدْ في مشيك
إليكم تفسير الآية الكريمة : (واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير (19)) من خلال التفسيرات التالية :
- تفسير الطبري الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاقْصِدْ فِي مَشْيك } يَقُول : وَتَوَاضَعْ فِي مَشْيك إِذَا مَشَيْت , وَلَا تَسْتَكْبِر , وَلَا تَسْتَعْجِل , وَلَكِنْ اتَّئِدْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , غَيْر أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ : أَمَرَهُ بِالتَّوَاضُعِ فِي مَشْيه , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : أَمَرَهُ بِتَرْكِ السُّرْعَة فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ : أَمَرَهُ بِالتَّوَاضُعِ فِي مَشْيه
- تفسير الجلالين { واقصد في مشيك } توسط فيه بين الدبيب والإسراع، وعليك السكينة والوقار { واغضض } اخفض { من صوتك إن أنكر الأصوات } أقبحها { لصوت الحمير } أوله زفير وآخره شهيق.
- حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا : ثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة وأبان بن تغلب قالا : ثنا أبو معاوية عن جويبر ، عن الضحاك ( إن أنكر الأصوات ) قال : إن أقبح الأصوات ( لصوت الحمير ) كما حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) أي : أقبح الأصوات لصوت الحمير أوله زفير ، وآخره شهيق ، أمره بالاقتصاد في صوته .
- اقْصِدْ في مشيك ، استقامة الطريق، يقال: قصدت قصده، أي: نحوت نحوه، ومنه: الاقتصاد، والاقتصاد على ضربين: أحدهما محمود على الإطلاق، وذلك فيما له طرفان: إفراط وتفريط كالجود، فإنه بين الإسراف والبخل، وكالشجاعة فإنها بين التهور والجبن، ونحو ذلك، وعلى هذا قوله: ﴿واقصد في مشيك﴾ [لقمان/19] وإلى هذا النحو من الاقتصاد أشار بقوله: ﴿والذين إذا أنفقوا﴾ (الآية: ﴿والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما﴾.
وَاقْصِدْ في مَشْيِكَ تفسير ابن كثير
فيما يلي توضيح لمعاني الآية الكريمة من سورة لقمان، حيث قال الله تعالى : {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} وقد جاء تفسير ابن كثير لهذه الآية على النحو التالي :
- قوله : ( واغضض من صوتك ) أي : لا تبالغ في الكلام ، ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه; ولهذا قال تعالى : ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) قال مجاهد وغير واحد : إن أقبح الأصوات لصوت الحمير ، أي : غاية من رفع صوته أنه يشبه بالحمير في علوه ورفعه ، ومع هذا هو بغيض إلى الله تعالى .
- ابن كثير : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
- وهذا التشبيه في هذا بالحمير يقتضي تحريمه وذمه غاية الذم; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” ليس لنا مثل السوء ، العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه ” .
- وقوله : ( واقصد في مشيك ) أي : امش مشيا مقتصدا ليس بالبطيء المتثبط ، ولا بالسريع المفرط ، بل عدلا وسطا بين بين .
معنى وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ
- تفسير الجلالين ﴿واقصد في مشيك﴾ توسط فيه بين الدبيب والإسراع، وعليك السكينة والوقار ﴿واغضض﴾ اخفض ﴿من صوتك إن أنكر الأصوات﴾ أقبحها ﴿لصوت الحمير﴾ أوله زفير وآخره شهيق.
- اما تفسير الميسر نقصد به تواضع في مشيك، واخفض من صوتك فلا ترفعه، إن أقبح الأصوات وأبغضها لصوت الحمير المعروفة ببلادتها وأصواتها المرتفعة.
- غَضَّ طرفه، أي خَفضه. وغَضَّ من صوته. وكلُّ شيءٍ كففتَه فقد غَضَضْتَهُ، والأمرُ منه في لغة أهل الحجاز اغْضُضْ. وفي التنزيل: “واغْضُضْ من صَوْتِكَ”. وأهل نجد يقولون: غُضَّ طرفك بالإدغام. قال جرير: فَغُضَّ الطَرْفَ إنك من نُمَيْرٍ فلا كَعْباً بَلَغْتَ ولا كلابـا ?وانْغِضاضُ الطرفِ: انْغِماضُهُ.
- وظبيٌ غَضيضُ الطرفِ، أي فاتِرُهُ. وغَضُّ الطرفِ: احتمالُ المكروه. وشيءٌ غَضٌّ وغَضيضٌ، أي طريٌّ. تقول منه غَضِضْتَ وغَضَضْتَ غَضاضَةً وغُضوضَةً. وكلُّ ناضرٍ غَضٌّ، نحو الشباب وغيره. والغَضيضُ: الطَلْعُ إذا بدا. وغَضَّ منه يَغُضُّ بالضم: إذا وضع ونقص من قدره. يقال: ليس عليك في هذا الأمر غَضاضَةٌ، أي ذِلَّةٌ ومنقصةً.