قصائد ابو نواس

كانت حياة أبو نواس مليئة باللهو والمجون، حيث كان معظم شعره يركز على وصف الخمر. وقد اتُهم بالزندقة وسُجن بأمر الخليفة الأمين بسبب سلوكياته الفاسقة. إليكم بعض قصائد ابو نواس :

قصائد ابو نواس
قصائد ابو نواس

أسقياني من شمولِ
في مدى اليوم الطويل
خمرةً في عَرفِ مِشكٍ
عُصرت من نهرِ بيلِ
ويحُها يسطعُ منها
فائحاً من رأس ميل
في لسان الشربِ منها
مثلُ لذع الزَنجبيل
عُتّقَت حولاً وحَولاً
بين كرَم ونخيل
وعلى وجهٍ غزالٍ
أحورِ العين كحيل
فاسقيانيها نهاراً
واهتفا بالشمسِ زولي
إنما يُذهبُ مالي
طولُ إدمانِ الشمول
قلت لمّا رام نسكي
فنهى عنه عذولي
أن أدعها قوتَ أُخرى
من مزاجٍ الزنجبيلِ

أَموتُ وَلا تَدري وَأَنتَ قَتَلتَني
فَلا أَنا أُبديها وَلا أَنتَ تَعلَمُ
لِساني وَقَلبي يَكتُمانِ هَواكُمُ
وَلَكِنَّ دَمعي بِالهَوى يَتَكَلَّمُ
وَلَو لَم يَبُح دَمعي بِمَكنونِ حُبُّكُم
تَكَلَّمَ جِسمٌ بِالنُحولِ يُتَرجِمُ

وعاذلةٍ تعيبُ عليَّ عادي
فقلتُ لها ضلَلتُ طريقَ عادي
رجعتُ إلى الخسارةِ والفسادِ
ولستُ بسالكٍ سُبُلَ الرشاد
وأقسمُ لا أجيبُ إلى ملامٍ
ولو صمّمتُ من صوتِ المنادي
ومالي والصلاةَ وصومَ شهرٍ
وقصدَ الحجّ أو قصدَ الجهادِ
سأخلعُ ما حييتُ عذارَ رشدي
وألبسُ جامحاً عذرَ الفساد
وأعصي عاذلي سرّاً وجهراً
وأجعل جاعةَ الشطّار زادي
وآخذ في مذاهب قومٍ لوطٍ
ولا آلو تمرّدَ قومِ عادِ

قصائد أبو نواس في الغزل

إليكم أجمل ما قيل في الشعر القديم من غزل ووفاء :

حرام علي النوم ياإبنة مالك
ومن فرشه الغضى كيف يرقد
سأندب حتى يعلم الطير أنني
حزين ويرثي لي الحمام المغرد
وألثم أرضا أنت فيها مقيمة
لعل لهيبي من ثرى الأرض يبرد

كأن فؤادي في مخالب طائر
إذا ذكرت ليلى يشد بها قبضا
كأن فجاج الأرض قطعة خاتم
علي فما تزداد طولا ولا عرضا

الورد في وجنتيه
والسحر في مقلتيه
وإن عصاني لساني
فالقلب طوع يديه
ياظالما لست أدري
أدعو له أم عليه
أنا الى الله مما
دفعت منه إليه

يقولون لا تنظر وتلك بلية
ألا كل ذي عينين لا بد ناظر
وليس اكتحال العين بالعين ريبة
إذا عف فيها بينهن الضمائر

سألت أحبتي ماذنبي
أجابوني وأحشائي تقول
إذا كان المحب قليل حظ
فما حسناته إلا ذنوب

مكانك من قلبي هو القلب كله
فليس لشيء فيه غيرك موضع
وحطتك روحي بين جلدي وأعظمي
فكيف تراني أن فقدتك أصنع

تمت وتم الحسن في وجهها
فكل شيء ما خلاها محال
للناس في شهر هلال ولي
في وجهها كل صباح هلال

قصائد أبو نواس في الخمر

نموذج من شعره في وصف الخمرة :

دَع عَنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ
وَداوِني بِالَّتي كانَت هِيَ الداءُ
صَفراءُ لا تَنزَلُ الأَحزانُ ساحَتَها
لَو مَسَّها حَجَرٌ مَسَّتهُ سَرّاءُ
مِن كَفِّ ذاتِ حِرٍ في زِيِّ ذي ذَكَرٍ
لَها مُحِبّانِ لوطِيٌّ وَزَنّاءُ
قامَت بِإِبريقِها وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ
فَلاحَ مِن وَجهِها في البَيتِ لَألأُ
فَأَرسَلَت مِن فَمِ الإِبريقِ صافِيَةً
كَأَنَّما أَخذُها بِالعَينِ إِغفاءُ
رَقَّت عَنِ الماءِ حَتّى ما يُلائِمُها
لَطافَةً وَجَفا عَن شَكلِها الماءُ
فَلَو مَزَجتَ بِها نوراً لَمازَجَها
حَتّى تَوَلَّدُ أَنوارٌ وَأَضواءُ
دارَت عَلى فِتيَةٍ دانَ الزَمانُ لَهُم
فَما يُصيبُهُمُ إِلّا بِما شاؤوا
لِتِلكَ أَبكي وَلا أَبكي لِمَنزِلَةٍ
كانَت تَحُلُّ بِها هِندٌ وَأَسماءُ
حاشا لِدُرَّةَ أَن تُبنى الخِيامُ لَها
وَأَن تَروحَ عَلَيها الإِبلُ وَالشاءُ
فَقُل لِمَن يَدَّعي في العِلمِ فَلسَفَةً
حَفِظتَ شَيئاً وَغابَت عَنكَ أَشياءُ
لا تَحظُرِ العَفوَ إِن كُنتَ اِمرَأً حَرِجاً
فَإِنَّ حَظرَكَهُ في الدينِ إِزراءُ

لئن هجَرتْك، بعد الوَصْل، أرْوَى،
فلمْ تهـجُـرْكَ صـافيَـة ٌ عُـقـــارُ
فـخذْها من بناتِ الكرْمِ ، صِـرْفـاً،
كعينِ الـديكِ يعلوها احـمـرَارُ
شــراباً ، إنْ تُـزاوِجْـهُ بـمـــاءٍ
تــوَلّـدَ منـهُـمـا دُرَرٌ كِــبـــــارُ
طبيخُ الشمسِ، لم تطْبُخْهُ قِدْرٌ
بماءٍ، لا ولم تلْذَعْه نارُ
على أمثـالها كـانتْ لِـكِـسْـرى
أنوشِرْوانَ تتَّجِرُ التّجَارُ
إذا المخْـمـورُ بـاكـرَهَـا ثـلاثاً،
تَـطَـايَـرَ عـنْ مَـفَــاصِــلِهِ الخُمـارُ
وهَـاتِ فـغَـنّني بيتي نُصَيْـبٍ ،
فـقـد وافـانيَ القـدَحُ المــــدارُ

ولولا أنْ يقـالَ صـبَـا نُـصَـيْـبٌ،
لـقـلتُ بـنـفـسيَ النَّـشءُ الصّغـارُ “
«بنفسيَ كلّ مهْضُومٍ حشاهَا،
إذا ظُلِمَتْ، فليسَ لها انتِصَارُ»

قصائد أبو نواس المحرمة

الشاعر العربي العظيم أبو نواس يُتهم بالجنون، لكن دواوينه المنشورة لا تحتوي على أي دليل فعلي يثبت هذا الجنون، حيث قام الناشرون العرب على مر الأجيال بحذف الأبيات الماجنة من قصائده. وهكذا، أصبح الفسق والجنون جزءًا من شخصية هذا الشاعر دون وجود أدلة واضحة. وقد تناول أبو نواس في العديد من قصائده وصف بائع الخمر، بل إن هذا الوصف أصبح تقليدًا أسسه والتزم به. في قصيدة طريفة، يصف شخصية الخمار بتفصيل ممتع، حيث يقول :

وفتيان صدق قد صرفت مطيهم الى بيت خمار نزلنا به ظهرا
فلما حكى الزنار ان ليس مثلما ظننا به خيراً فظن بنا شرا
فقلنا على دين المسيح ابن مريم فأعرض مزورا وقال لنا هجرا
لكن يهودياً يحبك ظاهراً ويضمر في المكنون منه لك الغدرا
فقلت له ما الاسم قال سموءل ولكني أكنى بعمرو ولا عمرا
ما شرفتني كنية عربية ولا أكسبتني لا ثناء ولا فخرا
ولكنها خفت وقل حروفها وليست كأخرى إنما جعلت وقرا
فقلت له عجباً بظرف لسانه أجدت ابا عمرو فجود لنا الخمرا