قصائد سميح القاسم

سميح القاسم هو شاعر وأديب فلسطيني ارتبط اسمه بالثورة والمقاومة. يُعتبر مؤسس صحيفة “كل العرب” ورئيس تحريرها الفخري. لقد أسهم بأعمال أدبية متنوعة تشمل الشعر والقصص والمسرح والمقالات، مما جعله واحدًا من أبرز الأدباء العرب عبر التاريخ. في بداية مقالنا، يسرنا أن نقدم لكم بعضًا من أجمل قصائد سميح القاسم :

  • قصيدة عروس النيل

أسمعُهُ.. أسمعُهُ
عبرَ فيافي القحط، في مجاهلِ الأدغال
يهدرُ، يَدْوي، يستشيط
فاستيقظوا يا أيها النيام..
ولْنبتنِ السدود قبل دهمة الزلزال
تنبهوا.. بهذه الجدران
تنزل فينا من جديد نكبة الطوفان
لمن تُزَيّنونَها.. حبيبتي العذراء !
لمن تبرّجونها ؟
أحلى صبايا قريتي.. حبيبتي العذراء
حسناؤنا.. لمن تُزَفّ ؟
يا ويلكم، حبيبتي لمن تُزَفّ
لِلطّمْيِ، للطحلب، للأسماك، للصّدف ؟
نقتلها، نُحْرَمُها، و بعد عام
تنزل فينا من جديدٍ نكبةُ الطوفان
و يومها لن يشفع القربان
يا ويلكم، أحلى صبايا قريتي قربان
و نحن نستطيع أن نبتنيَ السدود
من قبل أن يداهمنا الطوفان
بَدارِ.. باسم الله و الإنسان
فإنني أسمعُهُ.. أسمعُهُ :
و لي أنا.. حبيبتي العذراء

  • قصيدة تعالي لنرسم معا قوس قزح

نازلاً كنت : على سلم أحزان الهزيمة
نازلاً .. يمتصني موت بطيء
صارخاً في وجه أحزاني القديمة :
أحرقيني ! أحرقيني .. لأضيء
لم أكن وحدي ،
ووحدي كنت ، في العتمة وحدي
راكعاً .. أبكي ، أصلي ، أتطهر
جبهتي قطعة شمع فوق زندي
وفمي .. ناي مكسّر ..
كان صدري ردهة ،
كانت ملايين مئه

**************

سجداً في ردهتي ..
كانت عيوناً مطفأه
واستوى المارق والقديس
في الجرح الجديد
واستوى المارق والقديس
في العار الجديد
واستوى المارق والقديس
يا أرض .. فميدي
واغفري لي ، نازلاً يمتصني الموت البطيء
واغفري لي صرختي للنار في ذل سجودي :
أحرقيني .. أحرقيني لأضيء
نازلاً كنت ،
وكان الحزن مرساتي الوحيدة
يوم ناديت من الشط البعيد
يوم ضمدت جبيني بقصيدة
عن مزاميري وأسواق العبيد
من تكونين ؟
أأختاً نسيتها
ليلة الهجرة أمي ، في السرير
ثم باعوها لريح ، حملتها
عبر باب الليل .. للمنفى الكبير ؟
من تكونين ؟
أجيبيني .. أجيبي
أي أخت ، بين آلاف السبايا
عرفت وجهي ، ونادت : يا حبيبي !
فتلقتها يدايا ؟
أغمضي عينيك من عار الهزيمة
أغمضى عينيك .. وابكي ، واحضنيني
ودعيني أشرب الدمع .. دعيني
يبست حنجرتي ريح الهزيمة
وكأنا منذ عشرين التقينا
وكأنا ما افترقنا
وكأنا ما احترقنا
شبك الحب يديه بيدينا ..
وتحدثنا عن الغربة والسجن الكبير
عن أغانينا لفجر في الزمن
وانحسار الليل عن وجه الوطن
وتحدثنا عن الكوخ الصغير
بين احراج الجبل ..
وستأتين بطفلة
ونسميها ” طلل ”
وستأتيني بدوريّ وفلـّه
وبديوان غزل
قلت لي – أذكر –
من أي قرار
صوتك مشحون حزناً وغضب
قلت يا حبي ، من زحف التتار
وانكسارات العرب
قلت لي : في أي أرض حجرية
بذرتك الريح من عشرين عام
قلت : في ظل دواليك السبيه
وعلى أنقاض أبراج الحمام !
قلت : في صوتك نار وثنية
قلت : حتى تلد الريح الغمام
جعلوا جرحي دواة ، ولذا
فأنا أكتب شعري بشظية
وأغني للسلام
وبكينا
مثل طفلين غريبين ، بكينا
الحمام الزاجل الناطر في الأقفاص ، يبكي ..
والحمام الزاجل العائد في الأقفاص
… يبكي
ارفعي عينيك !
أحزان الهزيمة
غيمه تنثرها هبة الريح
ارفعي عينيك ، فالأم الرحيمة
لم تزل تنجب ، والأفق فسيح
ارفعي عينيك ،
من عشرين عام
وأنا أرسم عينيك ، على جدران سجني
وإذا حال الظلام
بين عيني وعينيك ،
على جدران سجني
يتراءى وجهك المعبود
في وهمي ،
فأبكي .. وأغني
نحن يا غاليتي من واديين
كل واد يتبناه شبح
فتعالي . . لنحيل الشبحين
غيمه يشربها قوس قزح
وسآتيك بطفلة
ونسميها ” طلل ”
وسآتيك بدوريّ وفلـّه
وبديوان غزل

قد يهمك :

قصيدة تقدموا للشاعر سميح القاسم

نقدم لكم في هذه الفقرة من مقالنا قصيدة “تقدموا” للشاعر سميح القاسم.

تقدموا

تقدموا

كل سماء فوقكم جهنم

وكل ارض تحتكم جهنم

تقدموا

يموت منا الطفل والشيخ

ولا يستسلم

وتسقط الام على ابنائها القتلى

ولا تستسلم

تقدموا

تقدموا

بناقلات جندكم

وراجمات حقدكم

وهددوا

وشردوا

ويتموا

وهدموا

لن تكسروا اعماقنا

لن تهزموا اشواقنا

نحن القضاء المبرم

تقدموا

تقدموا

طريقكم ورائكم

وغدكم ورائكم

وبحركم ورائكم

وبركم ورائكم

ولم يزل امامنا

طريقنا

وغدنا

وبرنا

وبحرنا

وخيرنا

وشرنا

فما اللذي يدفعكم

من جثة لجثة

وكيف يستدرجكم

من لوثة للوثة

سفر الجنون المبهم

تقدمو

وراء كل حجر

كف

وخلف كل عشبة

حتف

وبعد كل جثة

فخ جميل محكم

وان نجت ساق

يظل ساعدومعصم

تقدموا

كل سماء فوقكم جهنم

وكل ارض تحتكم جهنم

تقدوا

تقدموا

حرامكم محلل

حلالكم محرم

تقدموا بشهوة القتل التي تقتلكم

وصوبوا بدقة لا ترحموا

وسددوا للرحم

ان نطفة من دمنا تضطرم

تقدموا كيف اشتهيتم

واقتلوا

قاتلكم مبرأ

قتيلنا متهم

ولم يزل رب الجنود قائما وساهرا

ولم يزل قاضي القضاة المجرم

تقدموا

تقدموا

لا تفتحوا مدرسة

لاتغلقوا سجنا

ولاتعتذروا

لا تحذروا

لاتفهموا

اولكم

آخركم

مؤمنكم

كافركم

ودائكم مستحكم

فاسترسلوا واستبسلوا

واندفعوا وارتفعوا

واصطدموا وارتطموا

لاخر الشوق اللذي ظل لكم

واخر الحبل اللذي ظل لكم

فكل شوق وله نهاية

وكل حبل وله نهاية

وشمسنا بداية البداية

لا تسمعوا

لا تفهموا

تقدموا

كل سماء فوقكم جهنم

وكل ارض تحتكم جهنم

تقدموا

تقدموا

لا خوذة الجندي

لا هراوة الشرطي

لا غازكم المسيل للدموع

غزة تبكينا

لانها فينا

ضراوةالغائبفي حنينه الدامي للرجوع

تقدموا

من شارع لشارع

من منزل لمنزل

من جثة لجثة

تقدموا

يصيح كل حجرمغتصب

تصرخ كل ساحة من غضب

يضج كل عصب

الموت لا الركوع

موت ولا ركوع

تقدموا

تقدموا

ها هو قد تقدم المخيم

تقدم الجريح

والذبيح

والثاكل

والميتم

تقدمت حجارة المنازل

تقدمت بكارة السنابل

تقدم الرضع

والعجز

والارامل

تقدمت ابواب جنين ونابلس

اتت نوافذ القدس

صلاة الشمس

والبخور والتوابل

تقدمت تقاتل

تقدمت تقاتل

لا تسمعوا

لا تفهموا

تقدموا

تقدموا

كل سماء فوقكم جهنم

وكل ارض تحتكم جهنم

شرح قصيدة سميح القاسم

كما ذكرنا سابقًا، يُعتبر الشاعر سميح القاسم من أبرز الشعراء العرب الفلسطينيين، حيث ارتبط اسمه ارتباطًا وثيقًا بشعر الثورة والمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال. نظم القاسم قصيدة “الطريق” ليشجع على النضال والكفاح، حيث رسم فيها ملامح طريق النضال الذي يقود إلى فجر جديد مشرق. يؤكد الشاعر أن هذا الطريق يتحقق عندما يتحد النضال في جميع أنحاء العالم، محاولًا تحفيز الآخرين على الانخراط في هذا النضال لما يحمله من شرف وعزة وكرامة لحاملي رايته. وفيما يلي شرح للقصيدة :

  • أبدًا على هذا الطريق
  • راياتنا بصرُ الضرير، وصوتنا أمل الغريق
  • أبدًا جحيم عدونا، أبدًا، نعيم للصديق
  • بضلوع موتانا نثير الخصب في الأرض اليباب
  • بدمائنا نسقي جنينًا في التراب
  • ونرد حقلًا شاخ فيه الجذع، في شرخ الشباب
  • ونصب في نبض المصانع
  • للمربي، والحقائب، والثياب
  • نبض القلوب المؤمنات..
  • بكل أقداس الحياة

نسير على درب الكفاح والنضال من أجل الحرية والإنسانية، حاملي أعلامنا التي تبعث الأمل في الحياة، كأنها نور يضيء درب الأعمى، وبشائر فرح لمن يوشك أن يغرق في ظلمات اليأس. بفضل تضحيات شهدائنا، سنعيد الحياة إلى هذه الأرض التي جفت وعانت من الظلم والقهر. إن دمائنا الطاهرة هي التي ستعيد للأراضي شبابها وعطائها ونضارتها. بإيماننا العميق بأهمية الحياة وقدسيتها، سنستعيد هذه الحياة لكل الناس. وقد ساعد استخدام الشاعر للصور الفنية في هذا المقطع على تجسيد ملامح طريق النضال، حيث شبه الجذع بإنسان يشيخ من خلال استعارة مكنية، كما شبه المصانع بكائن حي له قلب ينبض.

  • أبدًا على هذا الطريق
  • نذوي فدى أشواق سنبلة على وعد العطاء
  • و نصيح من فرح غزير الدمع في عرس
  • الفداء أبدًا على هذا الطريق! شرف
  • السواقي أنها تفنى فدى النهر العميق!
  • والنهر يجري دافقًا.. يجري ويكتسح
  • السدود وانظرْ إلى الأفق البعيد..
  • انظر إلى الأفق البعيد فهناك..كانت ثورة كبرى..
  • وكانت بورسعيد وهناك شيخ ميت..
  • وهناك ميلاد جديد وهناك ناس أصدقاء
  • صنعوا الحياة..ونسّقوا خضر الجنائن
  • في الجليد وهناك منجم أنبياء جلدوا القياصرة
  • الطغاة الأغبياء وترمدوا لتعيش فوق رمادهم شعلُ الضياء

نحن مستمرون في هذا المسار، ولن نستسلم أو نتراجع. نحن على استعداد للتضحية بأرواحنا من أجل الأمل في مستقبل مزدهر ومثمر. إن فخرنا وشرفنا يكمن في الاستعداد للموت من أجل غدٍ أفضل. لقد شهدنا العديد من الثورات التي بدأت ونجحت في تغيير الواقع نحو الأفضل. بورسعيد، على سبيل المثال، تمثل رمز الثورة الكبرى وشاهدًا على انتهاء حقبة الاحتلال الإسرائيلي والتحرر من الظلم، وبدء عصر جديد من الحرية والاستقلال. لقد كافح العديد من أصدقائنا من أجل تحسين الحياة وجعلها أجمل. حتى الأنبياء والمرسلين ناضلوا من أجل تحقيق الأفضل والقضاء على الظلم والخوف. في هذا المقطع، أبدع الشاعر في تصوير الطريق وتحفيزنا على الاستمرار فيه، حيث استخدم الاستعارة التصريحية ليشبه النضال والكفاح بنهر متدفق، وكفاحهم وتضحياتهم بتعب السواقي التي تعمل بجد لتغذي النهر بالمياه.

  • وانظرْ إلى الأفق البعيد..
  • انظر إلى الأفق البعيد فهناك..
  • في أعماق إفريقيا الجواري والعبيد فجرٌ..
  • يمر بكفه فوق الجباه الشاحبات ويصب فيها النور والدم..
  • والحياة وهناك في أعماق أمريكا..
  • الجريمة والتمزق والضياع طبلٌ يدق بلا انقطاع لمدينة تُشرى..
  • وزنجي يباع……

تاريخ الثورات مليء بالأمثلة على الانتصارات. ففي إفريقيا، كانت ظاهرة الجواري والاستعباد والظلم منتشرة، لكن مع بروز الثورة ضد هذا الظلم، أشرقت أراضي إفريقيا وعادت إليها الحياة وفرحة النصر. أما في أمريكا، فلا تزال مظاهر الاستعباد والظلم والقهر قائمة، حيث يستمر بيع الجواري وشراؤها. لذا، من الضروري النضال من أجل القضاء على هذه الظاهرة وهذا الاستعباد.

  • وهناك في الأفق القريب..
  • هناك في الأفق البعيد ليست تُتِمُّ الأرض
  • دورتها بلا نصر جديد فاحمل لواءك
  • وامضِ في هذا الطريق أبدًا على هذا الطريق
  • شرف السواقي أنها تفنى فدى النهر العميق!

يجب علينا أن نستعرض التاريخ القديم، حيث سنكتشف أن النصر بات قريبًا طالما استمررنا في هذا الطريق؛ طريق النضال والكفاح. لذا، ينبغي علينا أن ننهض ونثور من أجل تحقيق أهدافنا في الحرية والعزة والكرامة. من خلال استمرارنا، سنحقق الشرف والعزة والمجد في دعم الثورة واستمرارها.