قصائد شعراء المهجر

شعراء المهجر، أو ما يُعرف بمدرسة المهجر، هم مجموعة من الشعراء العرب الذين عاشوا وكتبوا أشعارهم في البلدان التي هاجروا إليها. يُطلق هذا الاسم عادةً على نخبة من المثقفين من أهل الشام، وخاصة اللبنانيين، الذين انتقلوا إلى الأمريكيتين (الشمالية والجنوبية). في بداية مقالنا، يسرنا أن نقدم لكم أجمل قصائد شعراء المهجر .

  • قصيدة : العيون السود للشاعر ايليا أبو ماضي 

ليت الذي خلق العيون السودا

خلق القلوب الخافقات حديدا

لولا نواعسها ولولا سحرها

ما ودّ مالكٌ قلبه لو صيدا

عَوذْ فؤادك من نبال لحاظها

أو متْ كما شاء الغرام شهيدا

إن أنت أبصرت الجمال ولم تهم

كنت امرءاً خشن الطباع ، بليدا

وإذا طلبت مع الصّبابة لذةً

فلقد طلبت الضّائع الموجودا

يا ويح قلبي إنّه في جانبي

وأظنّه نائي المزار بعيدا

مستوفزٌ شوقاً إلى أحبابه

المرء يكره أن يعيش وحيدا

برأ الإله له الضّلوع وقايةً

وأرته شقوته الضّلوع قيودا

فإذا هفا برق المنى وهفا له

هاجت دفائنه عليه رعودا

جشَّمتُهُ صبراً فلما لم يطقْ

جشمته التّصويب والتّصعيدا

لو أستطيع وقيته بطش الهوى

ولو استطاع سلا الهوى محمودا

هي نظرة عَرَضت فصارت في الحشا

ناراً وصار لها الفؤاد وقودا

والحبٌ صوتٌ، فهو أنّة نائحٍ

طوراً وآونة يكون نشيدا

يهب البواغم ألسناً صداحة

فإذا تجنّى أسكت الغريدا

ما لي أكلّف مهجتي كتم الأسى

إن طال عهد الجرح صار صديدا

ويلذُّ نفسي أن تكون شقيّةً

ويلذّ قلبي أن يكون عميدا

إن كنت تدري ما الغرام فداوني

  • قصيدة للشاعر نسيب عريضة: 

فِلَسطِينُ من غُربةٍ مُوثَقَة نُراعيكِ

 في الكُربةِ المُطبِقة فَتَعلُو وتهبُطُ

 منّا الصُدورُ ونَهفُو وأبصارُنا

 مُطرِقَة ومن خلفِ هذا الخِضَمِّ 

البعيدِ نُحيِّيكِ بالدَمعةِ المُحرِقة

 جِهادُكِ أَورى زِنادَ النُفوسِ

 فطارَت شَرارَتُها مُبرِقة جِهادٌ 

ملأتِ بهِ الخافِقَينِ فضاقَت بهِ القُوَّةُ 

المُرهِقة وسَطَّرتِ آياته في الخُلودِ

 بأرواحِ أبنائكِ المُزهَقة فلسطينُ

 كم آرِقٍ بيننا وبعضُ البَليَّةِ ما

 أَرَّفَه إلى ساحةِ المجدِ فيكِ يَتوقُ 

ولكنَّ حبلَ النَوى أوثَقَه فيُمسي 

على ثَورةٍ في الحَشا ويُصبِحُ 

والعَينُ مُغرَورِقة وتبكِي المُروءةُ

 مجروحةً وتاسى الأمانيُّ مُخلَولِقة 

لدَمعِ اليتيمِ وأُمِّ اليتيمِ وكَظمِ الصُدورِ

 على المِخنَقة حَذارِ من الدَمعِ 

يا أوصياءُ ففي لُجِّهِ عَطَشنُ المُحرَقة

 ولو صادفَ الدَمعَ أسطولُكم لَخِفنا 

من الدَمعِ أن يُغرِقَه بَني ربَّةِ البحرِ

 جُرتم علينا وكان لنا البَحرُ في مِنطَقة

 أَحرَّرتُمونا لِتَستَعبِدوا أيسترهِنُ العبدَ

 من أعتَقه خَفَرتم عهودَ الوَلاءِ الجَميلِ

 لوَعدٍ لِبِلفُورَ قد لَفَّقه فلله من حُبِّكم

 من رِياء ومن وعدِ بِلفورَ من مَخرَقة

 ذَبَحتم فِلَسطينَ يا وَيحَنا أَبَحتم حماها

 لمُسترزِقة أكانت مَواعيدُهم حِكمةً

 وكانت مواعيدُنا زَندَقة ألا فاجمعوا 

من ثَراها حطام النصال الملطخة 

المخلقة وقولوا بها قد غلبنا 

الضعيف ودُسنا حقِيقتَه المُقلِقَة 

بَني ربَّة البحرِ لا تشمَخُوا سَلوا 

الدَهرَ يُنبِئكُمُ عن ثِقَة إذا نَظَرَ 

الكونُ شَزراً إِلينا فأعيُنُنا تُحسِنُ 

الحَملَقة وإِن يَرغَبِ العَسفُ في ذلِّنا 

فَويلَ المُذِلِّ وما أحمَقَه فِلَسطينُ 

أحيَيتِ أيامَنا ومَجداً لنا كان ما أَبسَقَه 

وسِرتِ الى مَذبَحِ التَضحِياتِ لِتَشري

 الفِداءَ من المُوبِقة وبالدَّمِ وهوَ نَجِيعُ

 الحياةِ سَقَيتِ الثَرى جَرعةً مُدهَقَة فيا 

لَدِمائِك مُهراقةً فِداءً لأمجادنا المُهرَقَة 

فِلَسطينُ سَيراً إلى المشنقة فِلَسطينُ صَعداً

 على المُحرَقة ومُوتِي فِلَسطين

 فالموتُ فَخرٌ فِداءً لحُرِّيَّةٍ مُطلَقة

شعراء المهجر الحنين إلى الوطن

يعتبر الحنين إلى الأوطان تعبيرًا إيجابيًا عن ارتباط الفرد بوطنه وحبه لطبيعته. هذا الشعور قديم قدم الشعر العربي، لكنه لم يصبح موضوعًا شعريًا مستقلًا، بل كان يظهر في أبيات متناثرة. ومع ذلك، اختلفت دلالات الحنين إلى الوطن في الشعر الحديث، مما أدى إلى اهتمام كبير من الشعراء بهذا الموضوع، ليصبح غرضًا شعريًا مميزًا يتناوله كل شاعر مغترب. يرتبط شعراء المهجر ارتباطًا وثيقًا بالحنين إلى الأوطان، حيث اتسعت معاني هذا الغرض وبرزت بشكل خاص لدى الشعراء المهجريين الجنوبيين، ومن بينهم “رشيد سليم الخوري”. في هذه الفقرة، سنستعرض أسماء أبرز شعراء المهجر وبعض قصائدهم التي تعبر عن الحنين إلى الوطن، فتابعونا.

  • إيليا أبو ماضي في أمريكا

يعرف إيليا أبو ماضي بشاعر المهجر الأكبر ما زال شعر إيليا أبو ماضي متميزاً وفريداً حتى يومنا هذا، فهو شِعر رقيق العاطفة وبسيط الكلمة كما أنَّه عميق في المعنى، من جهة أخرى فقد مرَّ شِعر إيليا أبو ماضي بمراحل تطورية عديدة؛ فهو لم يتلقَ تعليماً أكاديمياً يساعده في مبتغاه الشِعري بل اعتمد على نفسه بشكل كبير خاصة في مراحله الأولى. و من أشعاره :

  • وطن أردناه على حبّ العلى فأبى سوى أن يستكين إلى الشّقا
  • كالعبد يخشى -بعدما أفنى الصبى يلهو به ساداته- أن يعتقا
  • أو كلَّما جاء الزمان بمصلحٍ في أهله قالوا: طغى وتزندقا؟
  • فكأنَّما لم يكنه ما قد جنوا وكأنَّما لم يكفهم أنْ أخفقا
  • هذا جزاء ذوي النُّهى في أمَّةٍ أخذ الجمود على بينها موثقا
  • وطنٌ يضيق الحرُّ ذرعاً عنده وتراه بالأحرار ذرعاً أضيقا
  • مشتْ الجهالة فيه تسحبُ ذيلها تيهاً، وراح العِلمُ يمشي مطرقا
  • خليل مطران :

خليل مطران : خليل مُطران “شاعر القطرين” شاعر لبناني شهير عاش معظم حياته في مصر. عرف بغوصه في المعاني وجمعه بين الثقافة العربية والأجنبية، كما كان من كبار الكتاب، عمل بالتاريخ والترجمة، يشبّه بالأخطل بين حافظ وشوقي، كما شبهه المنفلوطي بابن الرومي. ومن أهم اشعاره :

  • قصيدة المساء لـ خليل مطران والتى جاء فيها

إِنِّي أَقَمْتُ عَلَى التَّعِلَّةِ بالمُنَى

في غُرْبَةٍ قَالُوا : تَكُونُ دَوَائي

إِنْ يَشْفِ هَذَا الجسْمَ طِيبُ هَوَائِهَا

أَيُلَطِّفُ النِّيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ ؟

  • جبران خليل جبران :

جبران خليل جبران هو كاتب وأديب ورسام وشاعر لبناني، وُلد في السادس من كانون الثاني عام 1883 في بلدة بشري شمال لبنان. تعلم اللغة العربية والشعر والإنجيل والمطالعة على يد الكاهن في قريته، وذلك بسبب ظروف عائلته المادية الصعبة التي حالت دون التحاقه بالمدرسة. لاحقًا، هاجر مع والدته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث درس الفنون وبدأ مسيرته الأدبية. يُعتبر جبران من رواد شعر المهجر، ومن أبرز قصائده:

  •   قصيدة البلاد المحجوبة لجبران خليل جبران

هوَذا الفَجرُ فَقُومي نَنصَرِف

عَن دِيارٍ ما لَنا فيها صَديق

ما عَسى يَرجو نَباتٌ يختلف

زَهرُه عَن كُلِّ وردٍ وَشَقيق

موضوعات شعر المهجر

موضوعات شعر المهجر، اتجه شعراء المهجر اتجاهات عديدة . يمكن تلخيصها فيما يلي  :

  • الشعر التأملي النفسي .
  • شعر الطبيعة .
  • شعر الحب .
  • الشعر الاجتماعي و الانساني .
  • شعر الحنين و الغربة .

خصائص شعراء المهجر

لقد تميز شعر المهجر عن غيره من اشعار المدارس الأخرى ، بسماته ، وخصائصه المختلفة ؛ حيث يوجد خصائص متعلقة بالقالب التعبيري ، وأخرى خاصة بالموضوع ، وسوف نتناول هذه الخصائص بالشرح المفصل فيما يلي :

خصائص القالب التعبيري

  • التحرر من قيود القديم : حيث أن المدرسة المهجرية قامت بالظهور بخصائصها المميزة ، وعناصرها الحية ، وثورتها على كل قديم لا يساير العصر ، والحياة ، فتحررت من الأساليب التعبيرية القديمة ، وقيود الألفاظ ، فدعت مدرسة المهجر إلى التجديد في القالب الشعري.
  • الاسلوب الفني والطابع الشخصي : حيث أن لكل شاعر طابعه الخاص به ، والذي يميزه عن غيره ، حيث يولي كل شاعر أهمية التعبير عما بداخله ، متأثرا بما يحيطه ، كما يتفاعل الشاعر مع الطبيعة بشكل كبير ، ويحن إلى وطنه بطريقة جامحة.

الحنين في الشعر المهجري

الحنين إلى الأوطان في شعر المهجريين ، الشعر أصبح على يد المهجريين من الشعراء تعبيرا عن الوجدان و الحينين ، ووصفا لخلجات النفس وخفقات الفؤاد. وفيما يلي سوف نتعرف على بعض من روائع هذه القصائد ، تابعوا معنا :

  • يقول شاعرنا أبي تمام: 

وطول مقام المرء بالحي مخلق  ** لـديباجتيه  فـاغتـربْ تتجــددِ
فإني رأيت الشمس زيدت محبة ** إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد

  • يقول شاعر نفس الشاعر :

أيها الـعائدون للشام هلا ** نفحة  من شمـيم أرض النبوه
علم الله كم صـبونا إليها ** واشتهينا تحت الـعريشة غفوه

  • يقول الشاعر حسني غراب الحمصي

أبعد حمص لنا دمع يراق على ** منازل أم بنا من حادثات هلع؟
دار نـحن إليـها كلــما ذكرت ** كأنما هي من أكبادنا قطع
وملـعب للصبا نـأسى لــفرقته ** كأنه من سواد العين منتزع

  • و يقول شفيق المعلوف :

ذراع مـلاق إثر كـف مـــــودع ** تلوحان لي كلتاهما خلف مدمعي
مناديل من ودعت يخفقن فوقهم ** فلا ترهقيهم يا سفين واقلعي

  • أما رشيد أيوب المعروف بالدرويش فيقول :

دعتـه الأمـاني فخلى الربــــوع ** وصار وفي النفس شيء كثير
وفي الصدر بين حنايا الضلوع ** لنيل الأماني فؤاد كبير
فـحث المطايا وخاض البحــــار ** ومرت ليال وكرت سنون