قصائد صوفية

يُعتبر الشعر الصوفي أحد أبرز فروع الأدب الصوفي، حيث بدأت ملامحه في القرن الثالث الهجري. في تلك الفترة، بدأ الشعراء ينظرون إلى الخالق، جلّ جلاله، بعين الحب والعشق، مما جعله استمرارًا لأشعار الفقهاء والوعاظ. وقد ارتقى هذا النوع من الشعر بفضل ذي النون المصري، الذي أسس دعائم الوجد الصوفي، معتبراً المحبة الربانية جوهر التصوف وأساسه. في هذا المقال، سنستعرض مجموعة من أروع قصائد صوفية .

  • قصيدة ما بَينَ ضالِ المُنحَنى وظِلالِهِ

ما بَينَ ضالِ المُنحَنى وظِلالِهِ ضلَّ المتيَّمُ واهتدى بضلالهِ
وبذلكَ الشِّعبِ اليَمانِي مُنية لِلصّبِّ قد بَعُدَتْ على آمالِهِ
يا صاحِبي، هذا العقيقُ، فقِفْ بهِ متوالهاً إنْ كنتَ لستَ بوالهِ
وانظرهُ عنِّي إنَّ طرفي عاقني إرسالُ دَمعي فيهِ عن إرسالِهِ
واسْألْ غزالَ كِناسِهِ هل عندَهُ  علمٌ بقلبي في هواهُ وحالهِ
وأَظُنّهُ لم يَدْرِ ذُلَّ صَبابَتي إذْ ظلَّ ملتهياً بعزِّ جمالهِ
تَفديهِ مُهجَتيَ، الّتي تَلِفَتْ، ولا منٌّ عليهِ لأنَّها منْ مالهِ
أتُرَى درى أنّي أحِنّ لهَجْرِهِ إذْ كُنْتُ مُشْتاقاً لهُ كوِصالِهِ
وأبيتُ سهراناً أمثِّلُ طيفهُ للطّرْفِ، كي ألْقى خيالَ خيالِهِ
لاذُقْتُ يوماً راحة ً مِن عاذلٍ إنْ كنتُ ملتُ لقيلهِ ولقالهِ
فوَحقِّ طيبِ رِضَى الحبيبِ ووصلهِ ما ملَّ قلبي حبَّهُ لملالهِ
واهاً إلى ماءِ العذيبِ وكيفَ لي بحشايَ لوْ يطفى ببردِ زلالهِ
ولَقَدْ يَجِلّ، عنِ اشتِياقي، ماؤُه شرفاً فواظمئي للامعِ آلهِ .

  • قصيدة سقتني حميَّا الحبِّ راحة َ مقلتي

ومن نورهِ مشكاة ُ ذاتي أشرقتْ عليّ فنارَتْ بي عِشائي كَضَحَوتي
فأشهدتني كوني هناكَ فكنتهُ وشاهدتهُ إيَّايَ والنُّورُ بهجتي
فَبي قُدّسَ الوادي، وفيه خلعتُ خَلْع نعلي على النّادي وجدتُ بخلعتي
وآنَستُ أنواري، فكُنتُ لها هُدًى وناهيكَ من نَفسٍ علَيها مُضيئَة
وأسّستُ أطواري، فناجَيتُني بها وقضّيْتُ أوْطاري، وذاتي كَليمَتي
وبدريَ لمْ يأفلْ وشمسيَ لمْ تغبْ وبي تَهتَدي كُلّ الدّراري المُنيرَة ِ
وأنجُمُ أفلاكي جرَتْ عن تَصَرّفي بمِلكي، وأملاكي، لمُلكيَ، خَرّتِ
وفي عالمِ التَّذكارِ للنّفسِ علمها الْـمُقَدَّمُ، تَستَهديه منيَ فِتيَتي
فحيَّ على جمعي القديمِ الَّذي بهِ وجَدْتُ كُهُولَ الحَيّ أطفالَ صِبيَة ِ
ومن فضْلِ ما أسأرْتُ شُربُ مُعاصري ومَن كانَ قَبْلي، فالفَضائلُ فَضْلَتي .

قصائد صوفية مغربية مكتوبة

عزيزي القارئ، إذا كنت تبحث عن قصائد صوفية مغربية مكتوبة، فأنت في المكان الصحيح. لقد جمعنا لك أجمل هذه القصائد، تابع معنا :

  • يقول الشاعر أبو عمر سالم بن صالح الهمداني 

عدمتُ لذيذ العيش بعدك والكرى

وشغلتَ قلبي لوعة وتذكّرا

وكم ليلةٍ قد بِتُ فيها مُوَلهاً

مخافة نفسي أن تَذوبَ تحَسُّرا

أقابل مسرى الريح من نحو أرضكم

فيحرمني برد النسيمِ إذا سَرى

لقد خابَ ما أملتُ مُذ سِرتُ عنكمُ

ومَن ركبَ الآمال لم يحمَدِ السُّرى

تنكر لي دَهري ولم يدرِ أنني

عرفتُ جليَّ الأمرِ لما تَنَكَّرا

يقولون لي: صبراً على البُعد والنَّوى

ومَذ بِنتَ عني ما رُزقتُ تَصَبُّرا

ومما شَجاني أنني بِتُّ مُغرماً

بأزهرَ يحكي البدرَ حُسناً ومَنظَّرا

يُؤرقُ جفني منه غُنجُ مَحاجرٍ

تَعُدُّ منامَ الجفنٍ حِجراً مُحَجَّرا

ولولا الذي أخشاهُ من جودِ حُكمِهِ

لحدثتك الأمرَ الخفيَّ كما جَرَى

وبحتُ بمكنونِ الضميرِ إليكمُ

وأظهرتُ وجداً كان في القلب مُضمَرا

ولابُدَّ من شكوى فتعذر مُدنفاً

حليفَ سِقامٍ أو يموتَ فَيعُذرا

ولكنهُ مُذ لاحَ لام عِذارُهُ

تجنى فلا يلوي على من تَعذَّرا

شراني ببخسٍ وهو في الحُسنِ يوسفُ

وما باعني إلا بأرخَصِ ما اشترى

فيمُسي إذا ما أظلَم الليلُ ظالمي

ويَهجُرُ إن صامَ النهارُ وهَجَّرا

ولا ذنبَ إلا أنني بحتُ باسمِهِ

ولا بُدَّ للمحزونِ أن يَتَذكَّرا

فكن ناصِري إن شئتَ في مَوقفِ الهوى

فَحَقَّ لمثلي أن يُعانَ ويُنصَرا

  • يقول شاعر آخر :

يأبى شجون حديثيَ الإفصاحُ

إذ لا تقوم بشرحه الألواحُ

قالت صفيَّة عندما مرَّت بها

إبلي أتنزل ساعةَ ترتاحُ

فأجبتُها لولا الرقيبُ لكان لي

ما تبتغي بعد الغدوِّ رواحُ

قالت وهل في الحيُّ غيرنا

فاسمح فديتُك فالسماحُ رباح

فأجبتها إن الرقيب هو الذي

بيديه منا هذه الأرواحُ

وهو الشهيد على موارِدِ عبده

سِيّان ما الإخفاءُ والإيضاح

قالت وأين يكون جودُ الله إذ

يُخشى ومنه هذه الأفراحُ

فافرح على اسم الله جلَّ جلاله

واشطح فنشوانُ الهوى شَطّاحُ

وارهج على ذِمَمِ الرجال ولا تخف

فالحلمُ رحبٌّ والنَّوال  مباح

وانزل على حكم السرور ولا تُبل

فالوقتُ صافٍ ما عليك جُناحُ

وانظر إلى هذا النهار فسِنُّهُ

ضحكت ونور جبينه وضَّاح

وانظر إلى الدنيا بنظرةِ رحمة

فجفاؤها بوفائها ينزاحُ

لا تعذلِ الدنيا على تلوينها

فلليلها بعد المساءِ صباحُ

فأجبتها لو كنتِ عالمةَ الذي

يبدو لتاركها وما يلتاحُ

من كل معنى غافضٍ من أجله

قد ساحَ قوم في الجبال وناحوا

حتى لقد سكروا في الأمر الذي

هاموا به عند العيان فباحوا

لعذرتني وعلمت أني طالبٌ

ما الزهدُ في الدنيا له مفتاحُ

فاترك صفيَّك قارعاً باب الرضى

والله جلَّ جلاله الفتَّاحُ

يا أخت حيَّ على الفلاح وخَلّني

فجماعتي حثّوا المطيَّ وراحوا

قصائد صوفية في مدح الرسول

تعتبر القصائد الصوفية التي تمدح الرسول من أبرز الوسائل التي استخدمها شعراء الصوفية للتعبير عن حبهم للرسول بطرق متنوعة، سواء من خلال الألفاظ أو التشبيهات. هناك العديد من هذه القصائد، وفي هذه الفقرة سنستعرض أجمل القصائد الصوفية في مدح الرسول، آملين أن تنال إعجابكم.

  • القصيدة ١ :عزى أنت عزى يا رسول الله جاهي أنت جاهي عدتي لله

غالى أنت غالى يا رسول الله**لو تنظر لحالي يرضى عنى الله
يا فوز مــن حــبـك**و قـــد لـــزم هـــداك
يا عــــز مـن يـراك**يـصـــــبح ولـــى الله
و مـن يراك يسـود**يا ســـيد الوجــــــود
هـو بالهـنا موعود**مـن محض فضل الله
و مــن يــراك منام**يـصـــبح مـن الكـرام
طــابت له الأيـــــام**مــن طــه رسول الله
هو رحمة الرحمـن**تشـكـو لــه الغــزلان
هو مصـدر الإيمان**مصــدر عطــــاء الله
محــمـــد المــنـــير**يشـــكو إلـــيه البعير
يشــفـع من السعير**يقـــبل شـــفاعته الله
بحـق قــــربة قـاف**يا مصـــدر الإنصاف
مــن الجحيم نخاف**فــأغث يا رسول الله
قــلــب القـرآن يس**و الإمـــام المبـــــين
محـــمـــد الأمــــين**مــدح في كــتاب الله
يا والــــد الزهـراء**يا طــاهــــر الآبـــاء
في مجـمع السعداء**نـبــقى مـــعـــكــم لله

*********

مـا مـــد لخير الخلق يدا**أحـــد إلا و بــه سـعـــــد
و بذاك مــددت إليه يدي**و بـذلك كنـت من السعدا
مـددت يــداي لحضــرته**أرجــو نــوال عطــيـــته
يا حـبيبي يشق شهـادته**لــولاك الواجد ما وجــدا
أنـا و الإخــوان ننـاشدك**بـيعة رضـوان نعـاهــدك
شاهــدنا حتى نشــاهـدك**و نكــون أول مــن وردا
حـبيبي صــفى مشـاربنا**رؤيــاك كـــل مطـــالبــنا
اقـبل كـي تقضى مآربـنا**و نكـون ممـن قــد وردا

  • القصيدة ٢ : يقول الشاعر

عليك الله صلى يا نبينا**عليك الله صلى يا نبينا
عليك الله صلى يا نبينا**و سلم دائما في كل آن
يـقـر بمــدحــه عيــنا نـبـيـــــــنا**و يفــرح بالشـــداة المــادحيـــنا
و يحـضر مدحـــه و يقول ديــنـا**فـيـشهـده لــنـــا أهــــل العــــيان
تكامل سمــته خلـــقــا و خلــقــا**و فاق نزاهة و تــقـــا و ذوقــــا
و لا غــير النـــبى يقــــال حـقــا**لــه يا صاحـــب الشــيم الحسان
و وجــه المصطفى كالدر يزهــو**و حـــق للـــبدور تـغــــار منـــه
فـمــا قــد قــيـل أو سيــقـال عنه**كـغـرف الكــف من بحر الجمان
فشـعـر المصطفى كالليل داجى**على وجه يضىء كما الســـراج
يطــل على الاحــبه بابتـــــهاج**جمــيـلا لا يمــــل منــه رائـــــى
و يســـير كانه جـــبل مـطـــــــل**و لــيس له مـــن الانــوار ظـــل
هو الـقــمــر المنير متى يهـــــل**يـشــار علــيه دومــــا بالــبــنان
و نور المصطفى حلو المــــذاق**و ان عددته فالـــرزق وافـــى
و عــين قتــادة بــعـد انـــــدلاق**تــعــود كان منــهـا لـــم يــعـانى
و عائــشـة تقـــول على النـــبى**اشــــد ندا من الريـــح العـــتى
و أجـــود منه ما مــن أريـحـــى**اذا مــــدت اليــــه الراحــــتـــان
كريم لا يضـــن بـمـــا لـــــديــــه**و أصـــل الجــــود ينبع من يديه
و كــل السائلين أتـوا إلـــيــــه**فــعـــادوا بالرغـــائب و الأمانى

  • القصيدة ٣ :

قمر قمر قمر*سيدنا النبى قمر
وجميل وجميل وجميل*سيدنا النبى وجميل
رسول الله يا بدرا اتم*ويا نورا على الايجاد عم
وميلادك الى الايجاد عيد*وفجرك قد محا ظلما وغما
رسول الله يا رحمته فينا*ويا نورا أتى هديا ودينا
وادخلنا في جمع المادحينا*وزدنا فيك اقبالا وهما
رسول الله يا ساح الاحبة*وزدنا فيك اشواقا وقربا
ومدحك للسقام شفا وطبا*فداوى القلب من كدر وهم
رسول الله يا نورا أتانا*ويا خلقا الى الخالق تدانا
وغيرك لم يرى المولى عيانا*رأيت الله والمقصود تم
حُسبنا يا بن امنة عليك*وجزع النخل قد يبكى عليك
ويشكو الجيش من ظمأ اليك*وماء الشهد من راحتك ذ مَ
إذا ما الشمس تدنو من الجماجم*وتحت لواك عرب والأعاجم
رسول الله للنيران لاجم*أغث طه فداك أبا وأما
وسيلتنا المظلل بالغمامة*وليس سواه يشفع في القيامة
اغث يا بن الأكابر والكراما*وإسمك لإسمه يا طه ضم
شكوت الى رسول الله حالى*وليس سواه طبا للمبالى
بحقك عند ربك ذى الجلال*تول عبيدكم واصرف لى هما
رسول الله غيرك لست راجى*اتى في الهدى من يهواك ناجى
ونورك قد محا ظلم الدياجى*وحال الله لا يحصره كم
رسول الله غيرك ما رجونا*ومن ذنب الى المولى شكونا
وان تشفع لنا فضلا نجونا*فانت غياثى للخيرات
صلاة الله تهمى والسلاما*وآل البيت والصحب الكرام
وعم بفيضها العربي الاماما*متى ما تاليا في الذكر سمى

شعر صوفي الحلاج

أبو المغيث المعروف بالحلاج هو من بلاد فارس، وقد أُطلق عليه هذا الاسم لأن والده كان يعمل في حلج القطن. تنقل الحلاج بين عدة مدن، منها الهند ومكة، قبل أن يعود أخيرًا إلى العراق بعد أن اشتهر وعرفه الناس كأحد أبرز المتصوفة. انتشرت أفكاره التي تدعو إلى البحث في خفايا النصوص الدينية. ومن أجمل أشعاره الصوفية ما يلي :

  • قصيدة كل بلاء علي مني

كُلُّ بَلاءٍ عَلَيَّ مِنّي

فَلَيتَني قَد أُخِذتُ عَنّي

أَرَدتَ مِنّي اِختِبارَ سِرّي

وَقَد عَلِمتُ المُرادَ مِنّي

وَلَيسَ لي في سِواكَ حَظٌّ

فَكَيفَما شَئتَ فَاِمتَحِنّي

كُن لي كَما كُنتَ لي

في حينِ لَم أَكُنِ

يا مَن بِهِ صِرتُ بَي

نَ الرُزءِ وَالحَزَنِ

وَبَدا لَهُ مِن بَعدِ ما اِندَمَلَ الهَوى

بَرقٌ تَأَلَّقَ مَوهِناً لَمَعانُهُ

يَبدو كَحاشِيَةِ الرِداءِ وَدونَهُ

صَعبُ الذُرى مُتَمَنّعٌ أَركانُهُ

فِدنا لِيَنظُرَ كَيفَ لاحَ فَلم يُطِق

نَظَراً إِلَيهِ وَصَدَّهُ سُبحانُهُ

فَالنارُ ما اِشتَمَلَت عَلَيهِ ضُلوعُهُ

وَالماءُ ما سَحَّت بِهِ أَجفانُهُ

قُلوبُ العاشِقينَ لَها عُيونٌ

تَرى ما لا يَراهُ الناظِرونا

وَأَلسِنَةٌ بِأَسرارٍ تُناجي

تَغيبُ عَنِ الكِرامِ الكاتِبينا

وَأَجنِحَةٌ تَطيرُ بغَيرِ ريشٍ

إِلى مَلَكوتِ رِبِّ العالِمينا

وَتَرتَعُ في رِياضِ القُدسِ طَوراً

وَتَشرَبُ مِن بِحارِ العارِفينا

فَأَورَثَنا الشَرابُ عُلومَ غَيبٍ

تَشِفُّ عَلى عُلومِ الأَقدَمينا

شَواهِدُها عَلَيها ناطِقاتٌ

تُبَطِّلُ كُلَّ دَعوى المُدَّعينا

عِبادٌ أَخلَصوا في السِرِّ حَتّى

دَنَوا مِنهُ وَصاروا واصِلينا

قُل لِمَن يَبكي عَلَينا حَزَناً

إِفرَحوا لي قَد بَلَغنا الوَطَنا

إِنَّ مَوتي هُوَ حَياتي إِنَّني

أَنظُرُ اللَهَ جهاراً عَلَنا

مَن بَنى لي دارا في دُنيا البَقا

لَيسَ يَبني دارا في دُنيا الفَنا

إِنَمّا المَوتُ عَلَيكُم راصِدٌ

سَوفَ يَنقُلكُم جَميعاً مِن هُنا

أَنا عُصفورٌ وَهَذا قَفَصي

كانَ سِجني وَقَميصي كَفَنا

فَاِشكُروا اللَهَ الَّذي خَلَّصَنا

وَبَنى لي في المَعالي مَسكَنا

فَاِفهَموا قَولي فَفيهِ نَبَأٌ

أَيَّ مَعنى تَحتَ قَولي كَمنا

وَقَميصي قَطّعوهُ قطَعاً

وَدَعوا الكُلَّ دَفين زَمَنا

لا أَرى روحِيَ إلا أَنتُمُ

وَاِعتِقادي أَنَّكُم أَنتُم أَنا

  • قصيدة لبيك

لَبَّيكَ لَبَيكَ يا سِرّي وَنَجوائي

لَبَّيكَ لَبَّيكََ يا قَصدي وَمَعنائي

أَدعوكَ بَل أَنتَ تَدعوني إِلَيكَ فَهَل

نادَيتُ إِيّاكَ أَم نادَيتَ إِيّائي

يا عَينَ عَينِ وَجودي يا مدى هِمَمي

يا مَنطِقي وَعَبارَتي وَإيمائي

يا كُلَّ كُلّي وَيا سَمعي وَيا بَصَري

يا جُملَتي وَتَباعيضي وَأَجزائي

يا كُلَّ كُلّي وَكُلُّ الكُلِّ مُلتَبِسٌ

وَكُلُّ كُلِّكَ مَلبوسٌ بِمَعنائي

يا مَن بِهِ عَلِقَت روحي فَقَد تَلِفَت

وَجداً فَصِرتُ رَهيناً تَحتَ أَهوائي

أَبكي عَلى شَجَني مِن فُرقَتي وَطَني

طَوعاً وَيُسعِدُني بِالنَوحِ أَعدائي

أَدنو فَيُبعِدُني خَوفي فَيُقلِقُني

شَوقٌ تَمَكَّنَ في مَكنونِ أَحشائي

فَكَيفَ أَصنَعُ في حُبٍّ كُلِّفتُ بِهِ

مَولايَ قَد مَلَّ مِن سُقمي أَطِبّائي

قالوا تَداوَ بِهِ فَقُلتُ لَهُم

يا قَومُ هَل يَتَداوى الداءُ بِالدائي

حُبّي لِمَولايَ أَضناني وَأَسقَمَني

فَكَيفَ أَشكو إِلى مَولايَ مَولائي

إِنّي لَأَرمُقُهُ وَالقَلبُ يَعرِفُهُ

فَما يُتَرجِمُ عَنهُ غَيرُ إيمائي

يا وَيحَ روحي وَمِن روحي فَوا أَسفي

عَلَيَّ مِنّي فَإِنّي أَصِلُ بَلوائي

كَأَنَّني غَرِقٌ تَبدوا أَنامِلَهُ

تَغَوُّثاً وَهوَ في بَحرٍ مِنَ الماءِ

وَلَيسَ يَعلَمُ ما لاقَيتُ مِن أَحَدٍ

إِلّا الَّذي حَلَّ مِنّي في سُوَيدائي

ذاكَ العَليمُ بِما لاقَيتُ مِن دَنَفٍ

وَفي مَشيئَتِهِ مَوتي وَإِحيائي

يا غايَةَ السُؤلِ وَالمَأمولِ يا سَكَني

يا عَيشَ روحِيَ يا ديني وَدُنيائي

قُلي فَدَيتُكَ يا سَمعي وَيا بَصَري

لِم ذي اللُجاجَةُ في بُعدي وَإِقصائي

إِن كُنتَ بالغَيبِ عَن عَينَيَّ مُحتَجِباً

فَالقَلبُ يَرعاكَ في الإِبعادِ وَالنائي

ما يَفعَلُ العَبدُ وَالأَقدارُ جارِيَةٌ

عَلَيهِ في كُلِّ حالٍ أَيُّها الرائي

أَلقاهُ في اليَمِّ مَكتوفاً وَقالَ لَهُ

إِيّاكَ إِيّاكَ أَن تَبتَلَّ بِالماءِ

قصيدة قل لمن يبكي علينا حزنا

قُل لِمَن يَبكي عَلَينا حَزَناً

إِفرَحوا لي قَد بَلَغنا الوَطَنا

إِنَّ مَوتي هُوَ حَياتي إِنَّني

أَنظُرُ اللَهَ جهاراً عَلَنا

مَن بَنى لي دارا في دُنيا البَقا

لَيسَ يَبني دارا في دُنيا الفَنا

إِنَمّا المَوتُ عَلَيكُم راصِدٌ

سَوفَ يَنقُلكُم جَميعاً مِن هُنا

أَنا عُصفورٌ وَهَذا قَفَصي

كانَ سِجني وَقَميصي كَفَنا

فَاِشكُروا اللَهَ الَّذي خَلَّصَنا

وَبَنى لي في المَعالي مَسكَنا

فَاِفهَموا قَولي فَفيهِ نَبَأٌ

أَيَّ مَعنى تَحتَ قَولي كَمنا

وَقَميصي قَطّعوهُ قطَعاً

وَدَعوا الكُلَّ دَفين زَمَنا

لا أَرى روحِيَ إلا أَنتُمُ

وَاِعتِقادي أَنَّكُم أَنتُم أَنا

إِنّي لَأَكتُم مِن عِلمي جَواهِرَهُ

كي لا يَرى العِلمُ ذي جَهلٍ فَيَفتَتِنا

وَقَد تَقَدَّمَ في هَذا أَبو حَسَنٍ

إِلى الحُسَينِ وَوَصّى قَلبَهُ الحَسنا

يا رُبَّ جَوهَرِ عِلمٍ لَو أَبوحُ بِهِ

لِقيلَ لي أَنتَ مِمَّن يَعبدُ الوَثَنا

وَلَاِسَتَحَلَّ رِجالٌ مُسلِمونَ دَمي

يَرَونَ أَقبَحَ ما يَأتونَهُ حَسَنا

إِلى حَتفي سَعى قَدَمي

أَرى قَدَمي أَراقَ دَمي

فَما أَنَفَكُّ مِن نَدَمِ

وَهانَ دَمي فَها نَدَمي

لَئِن أَمسَيتُ في ثُوبَي عَديمِ

لَقَد بَلِيا عَلى حُرٍّ كَريمِ

فَلا يَحزُنكَ أَن أَبصَرتَ حالاً

مُغَيَّرَةً عَنِ الحالِ القَديمِ

فَلي نَفسٌ سَتَتلفُ أو سَتَرقى

لَعَمرُكَ بي إِلى أَمرٍ جَسيمِ