مقولات المتنبي
أبو الطيب المتنبي، المعروف بأحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي، يُعتبر من أعظم شعراء العرب. لقد حظي بمكانة فريدة لم تُمنح لأي شاعر آخر في عصره، واشتهر بذكائه واجتهاده وشجاعته وحكمته. كان شاعراً مبدعاً وعملاقاً، والدليل على ذلك أن أشعاره لا تزال تُلهم الشعراء حتى يومنا هذا. كتب العديد من القصائد التي تناولت مدح الملوك والحكمة ووصف المعارك، حيث كانت كتاباته تعكس الواقع الذي عاشه. وبفضل مكانته الرفيعة، إليكم بعضاً من أجمل مقولات المتنبي :
- لا تطمعنْ من حاسدٍ في مودةٍ..وإِن كنتَ تبديها له وتنيلُ.
- حين رأيت الجهل بين الناس متفشياً، تجاهلتُ حتى ظن أني جاهلُ.
- ذو العقل يشقى في النعيم بعقله..وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ.
- عش عزيزا أو مت وأنت كريم..بين طعن القنا وخفق البنود.
- يرى الجبناءُ أن العجزَ فخرٌ وتلكَ خديعةُ الطبعِ اللئيمِ..وكُلُّ شجاعةٍ في المرءِ تُغْنِيْ ولا مثلَ الشجاعةِ في الحكيمِ.
- من لم يمت بالسيف مات بغيره..تعددت الأسباب والموت واحد.
- ومن يُنْفِقِ الساعاتِ في جمع مالهِ مخافةَ فَقْرٍ، فالذي فعلَ الفقرُ.
- فإِنّ قليلَ الحُبِّ بالعقلِ صالحٌ..وإِن كثيرَ الحُبِّ بالجهلِ فاسدُ.
- اتقّ الأحمق أن تصحبه إنما الأحمق كالثوب الخَلقِ، كلما رقّعت منه جانباً خرقته الريح وهنا فانخرق.
- وإذا خَفيتُ على الغَبِيِّ فَعاذِرٌ أنْ لا تَراني مُقْلَةٌ عَمْياءُ.
- على قدر أهل العزم تأتي العزائم..وتأتي على قدر الكرام المكارم.
- إذا أنت أكرمت الكريم ملكته..وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا.
- إذا المرء لا يرعاك إلّا تكلفاً، فدعه ولا تكثر عليه التأسفا، ففي الناس إبدال وفي الترك راحة، وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا.
- كَثِيرُ حَياةِ المَرْءِ مِثْلُ قَلِيلِها يَزُولُ وباقي عَيشِهِ مِثْـلُ ذاهِـبِ.
- إذا نلتُ منكَ الود فالمال هَين وكُل الَذي فوَقَ التُرابِ ترابُ.
- تصْفُو الحَياةُ لجَاهِلٍ أوْ غافِلٍ عَمّا مَضَى فيها وَمَا يُتَوَقّعُ، وَلمَنْ يُغالِطُ في الحَقائِقِ نفسَهُ وَيَسومُها طَلَبَ المُحالِ فتطمَعُ.
أقوال المتنبي عن الحب
من جميل الشعر الذي نظمه المتنبي وظهرت فيه عاطفة الحب، اخترنا لكم ما يأتي:
لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي * وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي
وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه * وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ
***
مِمّا أضَرّ بأهْلِ العِشْقِ أنّهُمُ * هَوَوا وَمَا عَرَفُوا الدّنْيَا وَما فطِنوا
تَفنى عُيُونُهُمُ دَمْعاً وَأنْفُسُهُمْ * في إثْرِ كُلّ قَبيحٍ وَجهُهُ حَسَنُ
***
عَذْلُ العَواذِلِ حَوْلَ قَلبي التّائِهِ * وَهَوَى الأحِبّةِ مِنْهُ في سَوْدائِهِ
وَهَوَى الأحِبّةِ مِنْهُ في سَوْدائِهِ * وَيَصُدُّ حينَ يَلُمْنَ عَنْ بُرَحائِهِ
***
الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الألْسُنَا * وألَذُّ شَكْوَى عاشِقٍ ما أعْلَنَا
ليتَ الحَبيبَ الهاجري هَجْرَ الكَرَى * من غيرِ جُرْمٍ واصِلي صِلَةَ الضّنى
بِتْنَا ولَوْ حَلّيْتَنا لمْ تَدْرِ مَا * ألْوانُنَا ممّا اسْتُفِعْنَ تَلَوُّنَا
وتَوَقّدَتْ أنْفاسُنا حتى لَقَدْ * أشْفَقْتُ تَحْتَرِقُ العَواذِلُ بَينَنَا
أقوال المتنبي عن الصداقة
حث الشعر العربي في العديد من نماذجه على التحلي بالأخلاق النبيلة، وكان في الوقت نفسه مصدراً للحكمة. كما أن مفهوم الصداقة له مكانة بارزة في الأدب القديم. إليكم بعض أقوال المتنبي حول الصداقة.
وليس خليلي بالملول ولا الذي
إذا غبت عنه باعني بخليل
ولكن خليلي من يديم وصاله
ويكتم سري عند كل دخيل
وحب العاقلين على التصافي
وحب الجاهلين على الوسام
أصاحب نفس المرء من قبل جسمه
وأعرفها في فعله والتكلم
وأحلم عن خلي وأعلم أنه
متى أجزه حلما على الجهل يندم
وكنت إذا علقت حيال قوم
صحبتهم وشيمتي الوفاء
فأحسن حين يحسن محسنوهم
وأجتنب الإساءة إن أساءوا
يقول المتنبي :
وَمِنَ العَداوَةِ ما يَنالُكَ نَفعُهُ
وَمِنَ الصَداقَةِ ما يَضُرُّ وَيُؤلِمُ
أَرسَلتَ تَسأَلُني المَديحَ سَفاهَةً
صَفراءُ أَضيَقُ مِنكَ ماذا أَزعُمُ
أَتُرى القِيادَةَ في سِواكَ تَكَسُّباً
يا اِبنَ الأُعَيِّرِ وَهيَ فيكَ تَكَرُّمُ
فَلَشَدَّ ما جاوَزتَ قَدرَكَ صاعِداً
وَلَشَدَّ ما قَرُبَت عَلَيكَ الأَنجُمُ
وَأَرَغتَ ما لِأَبي العَشائِرِ خالِصاً
إِنَّ الثَناءَ لِمَن يُزارَ فَيُنعِمُ
وَلِمَن أَقَمتَ عَلى الهَوانِ بِبابِهِ
تَدنو فَيُوجأُ أَخدَعاكَ وَتُنهَمُ
وَلِمَن يُهينُ المالَ وَهوَ مُكَرَّمٌ
وَلِمَن يَجُرُّ الجَيشَ وَهوَ عَرَمرَمُ
وَلِمَن إِذا اِلتَقَتِ الكُماةُ بِمازِقٍ
فَنَصيبُهُ مِنها الكَمِيُّ المُعلَمُ
وَلَرُبَّما أَطَرَ القَناةَ بِفارِسٍ
وَثَنى فَقَوَّمَها بِآخَرَ مِنهُمُ
وَالوَجهُ أَزهَرُ وَالفُؤادُ مُشَيَّعٌ
وَالرُمحُ أَسمَرُ وَالحُسامُ مَصَمِّمُ
أَفعالُ مَن تَلِدُ الكِرامُ كَريمَةٌ
وَفَعالُ مَن تَلِدُ الأَعاجِمُ أَعجَمُ
اقوال المتنبي عن الأخلاق
نذكر فيما يأتي بعضاقوال المتنبي عن الأخلاق :
“إن مازت الناسَ أخلاقٌ يُعاشُ بها، فإنهم، عند سوء الطبع، أسواء
أو كان كلّ بني حَوّاءَ يُشبهني، فبئسَ ماولدت في الخلق حَوّاءُ
بُعدي من النّاس برءٌ من سقَامِهمُ، وقربُهم، للحِجى والدين، أدواءُ
كالبيت أُفرد، لا أيطاءَ يدركه، ولا سناد، ولا في اللفظِ إقواءُ
نوديتَ، ألويتَ، فانزل، لا يراد أتى سَيري لِوى الرمل، بل للنبت إلواء
وذاك أنّ سواد الفَود غيّره، في غرّة من بياض الشيب، أضواء
إذا نجوم قتيرٍ في الدّجى طلعت، فللجفون، من الإشفاق، أنواءُ”
فَإِذا رُزِقتَ خَليقَةً مَحمودَةً * فَقَدِ اِصطَفاكَ مُقَسِّمُ الأَرزاقِ
فَالناسُ هَذا حَظُّهُ مالٌ وَذا * عِلمٌ وَذاكَ مَكارِمُ الأَخلاقِ
وَالمالُ إِن لَم تَدَّخِرهُ مُحَصَّنا * بِالعِلمِ كانَ نِهايَةَ الإِملاقِ
وَالعِلمُ إِن لَم تَكتَنِفهُ شَمائِلٌ * تُعليهِ كانَ مَطِيَّةَ الإِخفاقِ
لا تَحسَبَنَّ العِلمَ يَنفَعُ وَحدَهُ * ما لَم يُتَوَّج رَبُّهُ بِخَلاقِ
كَم عالِمٍ مَدَّ العُلومَ حَبائِلاً * لِوَقيعَةٍ وَقَطيعَةٍ وَفِراقِ
وَفَقيهِ قَومٍ ظَلَّ يَرصُدُ فِقهَهُ * لِمَكيدَةٍ أَو مُستَحَلِّ طَلاقِ
يَمشي وَقَد نُصِبَت عَلَيهِ عِمامَةٌ * كَالبُرجِ لَكِن فَوقَ تَلِّ نِفاقِ
يَدعونَهُ عِندَ الشِقاقِ وَما دَرَوا * أَنَّ الَّذي يَدعونَ خِدنُ شِقاقِ
وَطَبيبِ قَومٍ قَد أَحَلَّ لِطِبِّهِ * ما لا تُحِلُّ شَريعَةُ الخَلّاقِ
قَتَلَ الأَجِنَّةَ في البُطونِ وَتارَةً * جَمَعَ الدَوانِقَ مِن دَمٍ مُهراقِ
وَأَديبِ قَومٍ تَستَحِقُّ يَمينُهُ * قَطعَ الأَنامِلِ أَو لَظى الإِحراقِ
يَلهو وَيَلعَبُ بِالعُقولِ بَيانُهُ * فَكَأَنَّهُ في السِحرِ رُقيَةُ راقي
في كَفِّهِ قَلَمٌ يَمُجُّ لُعابُهُ * سُمّاً وَيَنفِثُهُ عَلى الأَوراقِ
لَو كانَ ذا خُلُقٍ لَأَسعَدَ قَومَهُ * بِبَيانِهِ وَيَراعِهِ السَبّاقِ
مَن لي بِتَربِيَةِ النِساءِ فَإِنَّها * في الشَرقِ عِلَّةُ ذَلِكَ الإِخفاقِ
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها * أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
وتسمو للمكارِمِ باتساقٍ كَما اتسَقَتْ أنابيبُ القَناةِ
وتُنعِشُ مِن صَميمِ المَجدِ رُوحاً بأزهارٍ لَها مُتضوِعاتِ
ولَم أرى للخلائقِ مِن مَحلٍّ يُهذِّبُها كحِضنِ الأمَّهاتِ
فحضْنُ الأمِّ مَدرسةٌ تَسامَتْ بتربيةِ البَنينِ أو البناتِ
وأخلاقُ الوَليدِ تُقاسُ حُسناً بأخلاق النِّساءِ الوَالِداتِ
وليسَ ربيبُ عاليةِ المزايا كمِثلِ رَبيبِ سَافلة الصِّفاتِ
ولَيسَ النَّبتُ يَنبتُ في جِنانٍ كمِثلِ النَّبتِ يَنبتُ في الفَلاةِ
فيا صَدرَ الفَتاةِ رَحُبتَ صَدراً فأنتَ مَقرُّ أسنَى العَاطِفات
لأخلاق الصَّبي بكَ انعكاسٌ كما انعكسَ الخَيالُ عَلى المِراةِ